أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

خالد فؤاد يكتب في الذكرىٰ الخمسين لرحيل عبدالناصر ” لماذا عشقوه وحكاية الفقر اللذيذ في عصره”

خالد فؤاد يكتب في الذكرىٰ الخمسين لرحيله عبدالناصر ” لماذا عشقوه وحكاية الفقر اللذيذ في عصره”

استوقفني كثيرًا في الذكرىٰ الخمسين لرحيل الزعيم جمال عبدالناصر، هذا الإهتمام الكبير والغير مسبوق من قِبل الكثير من القنوات والصحف والمواقع، علىٰ إحياء ذكراه بطرق وأشكال مختلفة.

 

وجلست أوقات طويلة أمام بعض القنوات القديمة ومن بينها “ماسبيرو زمان”، وهي تعيد ليس بث جنازته وخطبه الشهيرة فقط، بل تم عرض مواد وبرامج إعلامية نادرة عن ردود أفعال الملايين بمختلف أرجاء الوطن العربي، وهذا الكم الكبير من الدموع التي تساقطت عليه بعد وفاته.

أحزان المعارضين له:-
ناهيك عن هذا الكم الكبير من المقالات التي نشرت لكبار الكتاب، والقصائد التي نشرت وتم إذاعتها لشعراء راحوا يتباكون عليه رغم معاناتهم الشديدة منه والتنكيل بهم في عصره.

وراح السؤال يطاردني مجددًا، ما هو السر خلف هذا العشق الكبير لهذا الرجل حتىٰ من المعارضين له؟ واتفاق الكثيرين علىٰ أن مِصر في عهده دفعت أثمانًا باهظة نتيجة السياسات الخاطئة سواء علىٰ صعيد الخسائر العسكرية،
أو التنكيل بالآلاف من أبناء الوطن وإهانتهم والزج بهم في غيابات السجون.

ومصادرة أملاك آلاف مؤلفه من الأشخاص ممن لم يكونوا من الإقطاعيين، وقاموا ببناء شركاتهم ومصانعهم بالجهد والعرق.

ناصري عجوز محنك:-
ولرغبتي في الحصول علىٰ إجابة شافية غير كل ما ظللنا نستمع إليه طيلة السنوات الماضية، وحفظناها عن ظهر قلب.

توجهت لهذا الرجل العجوز المحنك واسمه عم محمد، وتم تلقيبه باسم محمد البربري منذ صغره لسمار بشرته التي تشبه لون بشرة الفنان الكبير الراحل علي الكسار، وكان يتردد وهو طفلًا علىٰ مسرحه بروض الفرج.

وقد تجاوز عم محمد الثمانين من عمره فيبلغ عمره حاليًا ونمسك الخشب ٨٣ عامًا، واشتهر في حي شبرا العريق، ومنطقتي الساحل وروض الفرج، بعشقه الكبير والغير محدود لجمال عبدالناصر.

فقد عرفناه جميعًا في المنطقه بناصريته الشديدة دون الإنتماء لأى حزب سياسي،
فيجادل بحنكة ووعي ويبهرك بثقافته وطريقة حديثه وسرده للوقائع والأحداث رغم محدودية تعليمه.

وقد وصلت درجة عشقه لعبد الناصر لتساقط الدموع من عينه، إذا ما تحدث أحد عن الزعيم الراحل، أو تحميله نتيجة كل الأخطاء التي وقعت في عصره.

الفقراء والغلابة:-
وقد توجهت له بالسؤال بعد هذه الضجة الكبيرة، التي صاحبت ذكرىٰ رحيله والتي حلت بالأمس، فأجابني بكل بساطة كما عهدته دائمًا: لن أتحدث عنه كزعيم ولن أتحدث عن مواقفه الوطنية الصادقة، ولن أتحدث كذلك عن أى بطولات أو مواقف شجاعة اشتهر بها، وأيضًا لن أتحدث عن الكاريزما الشديدة التي كان يتمتع بها.

فقط سأقول لك: يكفي أن أتحدث عن مواقفه تجاه الفقراء والغلابة، وكيف كان مناصرًا لهم طوال الوقت، فلا يقترب من رغيف خبزهم ولا من السلع الأساسية التي كانوا يستخدمونها في حياتهم اليومية، فنادرًا ما كانت ترتفع أثمان أى سلع في عصره.

نفس البيت ونفس البيجاما:-
وواصل: لقد كان رئيسًا للغلابه بحق، وكان الملايين من البسطاء يشاهدون رئيسهم يسير بينهم دون حماية أو مصفحات، بل ويمد يده ليصافحهم في كل مكان في ربوع مِصر.

لقد حكم البلاد وهو فقيرًا مثلنا، فنفس المنزل البسيط الذي كان يعيش فيه قبل أن يصبح رئيسًا بمنطقة منشية البكري، هو نفسه البيت الذي تزوج فيه وهو نفسه الذي رحل وهو يقطنه.

شاهدناه غير متكلف في ملبسه، لديه عدد محدود من البدل يقوم بالتغيير فيها ويرتدي في بيته بيجامه شعبية “كستور” كمثل التي نرتديها جميعًا.

الفقر اللذيذ:-
قلت له: ولكنكم رغم كل ما ذكرت وأبي كان منكم، كنتم تعانون من الفقر أيضًا في عصره؟
أجاب قائلًا: هذه حقيقه ولكنه كان فقرًا كما كنا نطلق عليه “فقرًا لذيذًا”.

جميعنا فقراء نعم مثلنا مثل رئيسنا الذي كان فقيرًا أيضًا، فلا يتكلف في مصروفاته ويعيش علىٰ راتبه، ولا يضع في فمه أو أفواه أبناءه معالق من ذهب.

وحينما رحل لم يجدوا في خزينة بيته أموال تذكر، وليس له في البنك حساب يذكر، أليس هذا بكافيًا لأن يجعل الملايين تعشقه وتترحم عليه ليل نهار وليس في ذكراه فقط؟!

هكذا اختتم كلامه ثم نظر إلي وقال: أترك الإجابة لكم هذه المره.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.