أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

في ذكري رحيل طبيب الغلابة عندما يمتهن الطب صاحب قلب إنساني

في ذكري رحيل طبيب الغلابة عندما يمتهن الطب صاحب قلب إنساني

بقلم وريشة/ كيرلس عادل جرجس

مرت علي أغلبنا ذكري عابرة في ذلك الأسبوع وبالأخص يوم 28من شهر يوليو الماضي لم يفطن لها سوي من تملكت من قلوبهم حس الإنسانية المُرهف أو من يقطن في محيط مدينة طنطا او في القري القريبة منها ولكنني أشك أن ذكراه لن تُمحي من ذاكرة المجتمع المصري بل والعربي بأكمله أقصد بذلك طبيب الإنسانية طبيب الغلابة ملاك الرحمة المصري الدكتور محمد عبد الغفار المشالي الذي رأي في رسالة الطب تقديم خدمة إنسانية وليست تجارة وبيزنس لربح الأموال دون مراعاة لظروف المرضي وفي السطور القادمة سنتناول بشئ من التفصيل اهم مراحل حياة طبيب الغلابة عرفانا منا بدوره الإنساني ورسالته السامية في مجال الطب

الميلاد والنشأة:-

وُلد دكتور الغلابة دكتور محمد عبد الغفار مشالي في مدينة طنطا أحد أشهر مدن محافظة الغربية هو من مواليد عام 1948 بطنطا ، درس دكتور محمد مشالي الطب في كلية الطب بجامعة القاهرة أحد أكبر جامعات مصرنا الحبيبة وتخرج دكتور الفقراء في عام 1967 من كلية الطب بجامعة القاهرة المعروفة باسم قصر العيني ، وعند تخرجه نال دكتور محمد مشالي المركز الاول على دفعته وذلك عندما حقق درجة نجاح وتفوق بنسبة 99.3% .


بداية انخراطه في العمل الإنساني:-

بعد أن تخرج دكتور الغلابة من كلية طب جامعة القاهرة اختار دكتور محمد مشالي الانخراط في العمل الإنساني ، وكانت أول خطواته في العمل الإنساني هو القيام بإجراء الفحوصات الطبية بالمناطق الفقيرة مقابل ثمن زهيد جداً وكان دكتور محمد مشالي قد تخصص في قسم الأمراض الباطنة وأمراض الأطفال والحميات .
يقيم الدكتور محمد مشالي في مدينة طنطا ويتراوح كشفه ما بين خمسه وعشره جنيهات كحد أقصى وأحيانا يكون الكشف بالمجان في حاله عدم مقدرة المريض على دفع ثمن الكشف بل وأحياناً كثيرة يقدم دكتور محمد مشالي العلاج من عنده للفقراء .

عيادة دكتور محمد مشالي طبيب الغلابة:-

توجد عيادة دكتور محمد مشالي البسيطة في مدينة طنطا ، وتشتهر عيادة دكتور محمد مشالي بأنها مزدحمة دائماً بالمرضى وذلك نتيجة أن دكتور الغلابة قد تفرغ تماماً لعلاج الفقراء والمرضى برضاء وصفاء نفسي وراحه ضمير فهو يجد كل السعادة في علاج هؤلاء المرضى من الفقراء حيث يرى دكتور مشالي أن هذه هي رسالته الوحيدة في الحياه .
في بعض الحالات إذا كان يوجد مريض لا يستطيع المشي والذهاب إلى العيادة الخاصة بدكتور الغلابة نجد أن الدكتور مشالي يذهب إلى المريض بنفسه متحملاً جميع نفقات الذهاب والعودة من وإلى عيادته ، ثم يقوم دكتور الغلابة بفحص المريض ويشخص له حالته ثم يكتب له الدواء ولن يحصل على أي مقابل مادى على الإطلاق تنفيذاً لوصيه أبيه الله يرحمة وقد يشترى العلاج له أيضاً على نفقته الخاصة .


دوافع مساعدة طبيب الغلابة للفقراء:-

عند البحث في حياة دكتور محمد مشالي نجد أن طبيب الغلابة قد وقعت عليه مسئوليات ضخمه عندما مات والده وهو صغير تاركاً له أخوته ليتولى الإنفاق عليهم ، ولقد وُلد الدكتور مشالي في الأربعينات وكان والده يعمل مدرس وألحقه بكليه الطب ليس بهدف التربح ولكن لمساعده الناس وتقديم النصائح الطبية لهم وتشخيص الأمراض ووصف العلاج .

تخرج الدكتور محمد مشالي من كليه الطب سنه ١٩٦٧ م وهو نفس العام الذى توفى فيه والده تاركا له إخوته الصغار لكي يتكفل بتربيتهم فاضطر للعمل فوراً لتربية أخوته ثم توفى شقيقه الأكبر ليتكفل هو بكافه نفقات إخوته حتى أن دكتور الغلابة لم يتزوج حتى يتفرغ لتربية إخوته وتقديم العناية والرعاية للمرضى من الفقراء ولكن عقب الانتهاء من مسئوليه أخوته تزوج وأنجب ثلاثة أبناء يعملون كمهندسين .

في فترة الثمانينات قرر الدكتور محمد مشالي فتح عياده لعلاج الغلابة وكان الهدف من ذلك هو علاج الفقراء بعيداً عن تحقيق أي أرباح مادية وعلمت زوجته بذلك وشجعته على فعل الخير لوجه الله وخصوصاً مع ارتفاع تكاليف العلاج وأجور كشف الأطباء التي وصلت إلى أرقام خياليه .

يقول طبيب الغلابة دكتور محمد مشالي أنه أكتشف بعد تخرجه أن والده ضحى من أجله بتكاليف علاجه ليجعل منه طبيباً ، فقام دكتور محمد مشالي بمعاهدة الله ألا يأخذ قرش واحد من فقير او معدو ، ودائماً نجد أن طبيب الغلابة يقول مقولة هامة وهي كن إنساناً قبل أن تكون طبيباً .

قيمة كشف دكتور الغلابة رحمه الله:-

كان دكتور محمد مشالي دكتور الغلابة يتقاضى عن الكشف الواحد خمسة قروش فقط ، وبمرور السنين وصل الكشف إلى عشرة جنيهات كحد أقصى ، كما أن دكتور مشالي غالباً ما كان يجرى بعض الأحيان تحاليل بالمجان يعجز المرضى عن سداد قيمتها .
و كان يعمل طبيب الغلابة دكتور محمد مشالي يومياً من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الحادية عشرة مساء ولديه عيادتان أحدهما في مدينة طنطا والعيادة الثانية في أحدى القرى القريبة منها رغم أنه تعدى السبعين من عمره .
أما عن هوايات دكتور محمد مشالي
لقد قال الدكتور محمد مشالي سابقا أنه يحب القراءة بشدة ، ويجد سعادته في اكتساب المعلومات الجديدة التي يستطيع بها تقديم خدمة طبية أفضل للمرضى ، كما أن دكتور محمد مشالي يحب الكاتب طه حسين كثيراً وقرأ جميع مؤلفاته ، كما يفضل دكتور الغلابة أن يكون سبباً في علاج الناس خيراً من أن يكون من الأثرياء لذلك فقيمه الكشف في متناول الجميع .

رد فعله تجاه التبرعات الخارجية:-

رفض الدكتور محمد عبد الغفار مشالي رحمه الله بالتبرع له بملايين الجنيهات وتجهيز عياده حديثه له في أحدث شوارع مدينة طنطا وعلى أحدث طراز ولكنه قبل هديه عبارة عن سماعة طبية لا يتعدى سعرها ثمانون جنيها فقط من شاب إماراتي يسمى غيث مقدم برنامج قلبي اطمأن .
عندما سمع أحد الأثرياء عن دكتور الغلابة تبرع له بــ20 ألف دولار و اهداه سيارة لكن بعد سنة اكتشف فاعل الخير عند عودته لمصر أن دكتور مشالي قام بتوزيع المال وباع السيارة ليشتري أجهزة تحاليل حديثة تساعده في علاج المرضى .
وعندما تم سؤال المغفور له علي الذكري التي لن تُمحي من ذاكرته جاوب دون تردد هي إنتحار طفل بإشعال النيران في نفسه لعدم تمكن والدته من شراء حقن الأنسولين له لتوفير الطعام لباقي أخوته وعندما وصل إلي علمه تلك القصة في بداية مشواره الطبي عاهد الله أن يقوم بعلاج الفقراء حتي يموت

وفاته:-
وفي يوم28 يوليو لعام2020 رقد إلي جوار ربه طبيب الغلابة عن عمر ناهز 76 عاما بعد قضاء 50 عاما لخدمة الإنسانية من خلال مجال الطب وقد شكل ذلك الخبر صدمة لجميع من عاصروه وقُدم إليهم خدمات من قلبه المحب رحم الله من تبني رسالة العطاء والبذل والإنسانية لخدمة الفقراء والمعذبون في الأرض

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.