أُمِي.. عَرُوسٌ النِيل.
أُمِي.. عَرُوسٌ النِيل.
بقَلَم: وِئَامْ أَحَمَدْ.
إلىٰ مَنْ أَعطَت وَأَجزَلَت بِعَطَائِهَا، إِلىٰ مَنْ رَوَتْ وسَقَتْ حَيَاتِنَا حُبًا وَحَنَانًا وَعِلمًا وَثقَافَة، إلىٰ مَنْ جَعَلَتْ لِلحَيَاةِ قِيمَة وَمَعنَىٰ، إِليكِ أيتُهَا المَلِكَة (أُمِي).
كُنتِ طِفلَة مُدلَلَة تَلَعَبِينَ وَتَركُضِينَ هُنَا وهُنَاك، تَضَحَكِينَ بِكُلِ بَرَاءَةٍ لَا تحملِن هَمَ غَدْ، لأنَكِ لاَ تُدرِكِينَ قِيمَتَه بَعد وفَجْأه كَبرتِ وأَصبَحتِ فَتَاة جَمِيلَة، نَاضِجَة، مُثقَفة وَمُتَزِنَة.
أنهَيتِ دِرَاسَتكِ بِكُلِ جِدٍ وَاجتهَاد وحَصُلتِ عَلىٰ أَرقَىٰ الشَهَادَاتِ، ثُم التَحَقْتِ بِالعَمَلِ فأصبَحتِ نمُوذجًا للإخلاصِ والتفَانِي فِيهِ فأنتِ لَا مَثِيل لكِ، فأصَبَحَ اسمُكِ يُشَارُ إِليهِ بِالبَنَانِ فِي كُلِ مَكَانٍ تقدِيرًا وَاحتِرَامًا.
ثُم أصبَحتِ زَوجَة لِرَجُلٍ أصِيلِ المَنْشَأ كَرِيمِ الطَبْعِ سَمِحِ الوَجهِ هُو أبِي (خَيرُ الرِجَال) وعندَمَا شَرُفتِ بالأُمُومَة فَأصبَحتِ تُؤدِينَ أدوَاركِ بِكُلِ كفَاءَةٍ وَإصرَارٍ عَلىٰ النَجَاحِ وَالتَميُزِ وبمرُورِ الزَمَانِ تَوغَل الشَعرُ الأبيَضُ فِي رَأسَكِ فكَان مَرجِعٍ لنَا لسَنوَاتٍ طَوِيلةٍ مِن الكِفَاحِ والصُمُود،
فكَان لكِ مِنَ الأحفَادِ مَا يَجعَلكِ تشعُرِينَ بأنكِ حَقًا “أمِيرَةُ عَصرَكِ” فَأنتِ الْآن تَمتَلِكِينَ مِنَ الخِبرَةِ مَا يُمَكِنُكِ مِن كِتَابَة سِينَاريُو لأصدَقِ وَأجمَلِ فِيلمٍ تارِيخِي بطَلتهِ أنتِ.
تَعَلمْتِ مِن الحَيَاةِ دُرُوسًا جَعَلت لدَيكِ تَوَازُنٍ نَفسِي وَسَلامٍ دَاخِلِي وَنَظرةٍ بَعِيدَة المَدَىٰ،
عُنوَانكِ التَضحِية وَشِعَارُكِ (إن اللّٰه يسْمعُ ويَرىٰ) رحلتِ فِي صَمتٍ وهدُوءٍ لترقُدِي بجوَارِ رفِيق العُمرِ والكِفَاحِ، فالحَيَاةِ دُونِهِ كالشَجرِ دُونَ أورَاقٍ.
فكُل عِبَارَاتِ الشُكرِ لَتَخجَلُ مِنكِ لأنَكِ أكبرُ مِنهَا، سَتظَلِينَ مَلِكَة وَسَتُرفَع لَكِ القُبَعَة دَومًا تَقدِيرًا وَاحترَامًا ثم حُبًا لأنكِ لَا مَثِيلَ لكِ….أُمِي عَرُوسُ النِيل رحِمكِ الله يا شقِيقَة الفُؤاد.