الإدمان جريمة تستحق الإعدام … بقلم: جمال القاضي
الإدمان جريمة تستحق الإعدام
بقلم: جمال القاضي
تعددت الجريمة وتعددت أشكالها، ما بين قتل واغتصاب، وسرقة وانتحار، فكان منها مالم يكن من قبل، وصدق الله العظيم حين قال عز وجل في كتابه الكريم في سورة الروم: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}
ربما كنا نسمع من قبل عن قتل الأخ لأخيه بسبب الميراث، أو ربما كان هناك قتل بسبب تشاجر بين الجيران أو قتل بطريق الخطأ، وربما كان هناك غيره من قتل بسبب جريمة لها علاقة بالشرف،
لكننا اليوم نواجه أبشع الأشكال للجريمة، وبشكل خطير، راح يتفشى في المجتمع كوباء يصيب نسيج جسده، ويهاجم ويضرب سكونه واستقراره، فاهتزت القلوب وجعاً، وأدماها بكاءً ليروي نزيفها على الأرصفة حكايات موجعة منها، فكان للجريمة أشكالاً، نسمع عنها ونتعجب لما كان منها ومن جديدها،
واليوم دعونا نقترب بصمت المتعجب، ونقف بدهشة المشاهد وحيرة السائل على هذه الأرصفة وبقدم ترتعش خوفاً ، وعلى مسرح الواقع الأليم نرصد ونعدد تلك الجرائم أو نجلس جلوس من لاحول له ولا قوة ونشاهد تلك المشاهد لهذه الجرائم وبخوف يتملكنا من خلال هذه الشاشات أمامنا، والتي تعرضها لنا من أشكالها أشكلاً مختلفة، فهنا نشاهد من يقتل كل أبنائه دون رحمة، وهناك من يمسك بيده سكيناً وينحر سيدة في الشارع على مرأى ومسمع من الجميع، وغيره يقطع رأس أحد المقيمين في شارعه وبالقرب من سكنه، وراح يهتف ويدور بالشوارع معلقا برأسه على أداة جريمته، أو ممسكا بها ويطوف وكأنه صياد انقض على فريسته ،
لم تكن الأسباب كلها تستحق ما كانت عليه النتيجة، ربما كان السبب بسيطاًَ، لكن الشيطان جعله عظيماً وكبيراً تحت غياب عقله بجرعات المخدرات التي اعتاد على إدمانها، نعم كانت كلها بسبب هذا الإدمان، إنها لجريمة تستحق الإعدام حقاً،
ونسأل : لماذا يستحق المدمن وتاجر المخدرات والمواد المخدرة الإعدام؟
الإدمان هو طريق اختاره الشخص بقرار ليسلك فيه برغبته ، يسوقه للقتل والسرقة والاغتصاب، تحت غياب الوعي لا العقل، يأتي بأفعال لم يأتي بها مجنون ، فالمجنون يفكر وفق ما يراه لحظيا دون سابق للتفكير بالتصرف، يرى الأم في نظره أماً وكذلك الأب أبا، يحاول الهروب منهما حين يخيفانه ، لكن لا يحاول قتل أبوه، ولا يحاول اغتصاب أمه، ولكن هذا المدمن حين يصبح تحت تأثير المخدرات ، لا يفرق بين جميع النساء فهو يرى أمه ويرى أخته وعمته وخالته، وابنة جيرانه، وابنته ، وزوجة أخيه ، وزوجة خاله ، وهذه التي هناك وتسير بجانبه بالشارع ، جميعهن هم مجرد نساء ، يشعلن في نفسه نار الشهوة، فيغتصب بلا رحمة ، ويقتل بلا تردد حين ترفض إحداهن أن يكمل حلمه الشيطاني في اغتصابها ، فيقع في تلك الجريمة ، ولكن لماذا ذلك؟ قد ذهب عنه ما يفرق بينه وبين الحيوانات التي خلقها الله وتسيطر عليها مثل تلك الغرائز وهو الضمير والعقل ،
يذهب تأثير المخدر تدريجيا مع الوقت، لكن تلك العادة التي تعودها تدفع به لأن تعود، فيبحث عن الأموال التي يشتري بها هذه المخدرات، لم يجد هناك من يقرضه، نفذ رصيده من تلك الأموال فأين يذهب، سريعاً يبحث عن مصدر ليمول رغبته، لا طريق سوى مال أبيه وأهله، فيسرق، وحين يعترضه أحدهم ، بعنف يقتله، ألا يستحق بجريمته الإعدام؟ إنه يستحق أن تقتلع كل جذوره من هذه الحياة .
المزيد من المشاركات
وبحسب قانون العقوبات فعقوبة القتل تحت تأثير المخدرات هي الحبس مدة لا تقل عن سنة، ولا تزيد على 7 سنوات إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص؛ فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت عقوبة القتل الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على عشر سنوات،
ولو نظرنا وقارنا هذه العقوبة بالعقوبة التي تقع على الشخص الذي يرتكب جريمة القتل أو الاغتصاب في حالة عدم السكر وفي قصد التعمد ، فإن الحكم يتراوح ما بين الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة، ولما كان الاتفاق في النتيجة وهو إزهاق الروح ، فلماذا لم تتساوى العقوبة في كلاهما ؟
ربما يتعجب البعض في إننا نطالب بالمساواة بين عاقل ومدمن ، ولكننا نسأل : هل رأيت شخصا مدمنا يقتل كل من يقابله في طريقه ؟ أم أن هذا القتل لسبب كان مسبقا ورسخ في عقله عن هذا الذي يقوم بقتله ؟ (حتى وإن كان هذا السبب لا يستحق القتل) فلماذا لا تكون عقوبة جرمه هي الإعدام؟
لقد كان لتاجر المخدرات أو لزارعها أو من يروج لها حظاً عظيماً في القانون والعقوبة، فلماذا نتهاون ونتعامل برحمة مع القاتل المغتصب السارق المدمن ؟
وأخيراً : كيف نقتلع جذور هذه الجريمة وهذه الظاهرة من المجتمع؟
أولاً : يجب تغليظ العقوبة في الجرائم التي يرتكبها المدمن لتصبح مساوية تماماً في الجزاء ، لأننا حين نخفف هذه العقوبات نصبح بدورنا مشجعين لمرتكبيها، فلو كان على سبيل المثال بين أحد وغيره خصومة ما و نوى قتله فما عليه إلا أن يتناول شيئا من المواد المخدرة ثم يذهب لقتله حتى يهرب من عقوبة الإعدام .
ثانيا : تشديد الرقابة الحدودية ومنع دخول هذه المواد المخدرة بجميع أنواعها .
ثالثا : التشديد على وسائل المواصلات حيث أن معظم السائقين في قيادة سياراتهم تحت تأثير المخدر وخاصة سيارات الأجرة، وذلك عن طريق عمل حملات مكثفة للكشف الفجائي على الطريق للتأكد من خلو الجسد من آثار الإدمان،
رابعا : يجب علينا أن نعلم أن الشخص المدمن هو شخص ميت يتنفس ويمشي على الأرض ، وهو مجرد آفة تصيب المجتمع وتستنفذ مخزون الشباب ،والتي يجب على المجتمع أن يقضي عليها ويحاربا بشتى الطرق وتطهيره منها ، فإنه شخص مفسد وجزاء المفسد هو أن ينفى من الأرض ، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ، حتى يصبحوا جميعا درساً لغيرهم في عقوبة ينالها كل منهم ، فلا يقترب بعدها عاقلاَ لمثل هذه المواد المخدرة أو أن يفكر ويقرر أن يصبح يوما مثلهم، فجرائم القتل والاغتصاب وإن تعددت أسبابها يجب أن تكون العقوبة في النهاية واحدة ، ولا يعفى منها إلا مجنون فهو ليس عاقلا ولا يجرى عليه قلم ليكتب ما يأتي به من أفعال حتى وإن كانت هذه الأفعال هي القتل.