دُمُوعٌ فِي عُيُونٍ خَاشِعَةٍ … بقلم: نسرين فاروق
دُمُوعٌ فِي عُيُونٍ خَاشِعَةٍ
بقلم: نسرين فاروق
مَعَ مُرُورِ اَلزَّمَنِ وَكَثْرَةِ اَلْعَثَرَاتِ وَتَقَلُّبَاتِ اَلْحَيَاةِ اَلْمُبْكِيَةِ وَالْمُضْحِكَةِ نَحْتَاجُ أَنْ تَمْتَزِجَ أَرْوَاحَنَا بِالْيَقِينِ وَأَنْ تَمْتَزِجَ دُمُوعُ اَلْعَيْنِ اَلْقَاسِيَةِ بِدُمُوعِ اَلْخُشُوعِ وَالتَّضَرُّعِ لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ لِلْخُشُوعِ فِي اَلنَّفْسِ مَا يَبْعَثُ فِيهَا اَلطُّمَأْنِينَةُ فَكُلّ تَذَلُّلٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رِفْعَةَ وَكُلَّ دَمْعَةٍ تَزْرَفْ خَشْيَةَ مِنْ اَللَّهِ يُصَاحِبُهَا اِعْتِرَافٌ بِالذَّنْبِ مَا هِيَ إِلَّا عُلُوًّا فِي اَلدُّنْيَا فَمَاذَا لَوْ طَلَبْنَا اَلْعَوْنُ مِنْ اَللَّهِ خَاشِعِينَ بَاكِينَ تَارِكِينَ خَلْفَنَا أَحْمَالاً أَثْقَلَتْ أَثْقَلَتْ كَوَاهِلَنَا مُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ حَقُّ تَوَكُّلِهِ مُسْتَعِينِينَ بِهِ عَلَى تَرْكِ اَلْمُنْكَرَاتِ عَازِمِينَ عَلَى حُسْنِ اَلطَّاعَاتِ فَالْخُشُوعُ لِلَّهِ تَعَالَى لَهُ فَضْلٌ عَظِيمٌ فَقَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ اَلْكَرِيمِ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } ، [ 1 ] فَقَدَ رُوِيَ فِي حَدِيثِ شَرِيفْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ اَلرَّسُولِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَةَ يُظِلُّهُمْ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ، يَوْمٌ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اَللَّهِ، وَرَجُلَ ذِكْرِ اَللَّهِ فِي خَلَاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ حُذَيْفَة رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ : أَوَّلُ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمْ اَلْخُشُوعِ ، وَآخِرٌ مَا تَفْقِدُونَ مِنْ دِينِكُمْ: اَلصَّلَاةُ.
قَالَ اِبْنْ كُثَيِّرْ: وَالْخُشُوعُ فِي اَلصَّلَاةِ إِنَّمَا يَحْصُلُ لَمِنْ فَرَغَ قَلْبُهُ لَهَا . . وَاشْتَغَلَ بِهَا عَمَّا عَدَاهَا ، وَأَثَرُهَا عَلَى غَيْرِهَا ، وَحِينئِذٍ تَكُونُ رَاحَةٌ لَهُ وَقُرَّةُ لَهُ. أَنَّهَا لَذَّةُ اَلْمُنَاجَاةِ لَا يَسْتَشْعِرُهَا إِلَّا أَصْحَابُ اَلْقُلُوبِ اَلصَّادِقَةِ فَيَعْلَمُ اَلْمَرْءُ وَقْتَهَا أَنَّ لَهُ رَبٌّ كَرِيمٌ يَدْعُوهُ بِيَقِينِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ مَا يَرْجُوهُ أَقَلَّ بِكَثِيرٍ مِمَّا خَبَّأَهُ اَللَّهُ لَهُ مِنْ نَعِيمِ فَضْلِهِ فُو اَللَّهِ لَوْ عَلِمَ اَللَّهُ مِنْ عَبْدُهْ صِدْقُ اَلْمُنَاجَاةِ وَالْإِخْلَاصِ فِي اَلْعِبَادَةِ لِيَسُرَّ لَهُ كُلٍّ عَسِيرٍ وَانْعَمْ عَلَيْهِ بِالْخَيْرِ اَلْوَفِيرِ وَنَظْرَةُ إِلَيْهِ نَظْرَةُ رِضَا تَنْجَلِي بِهَا اَلْأَحْزَانُ وَتَطِيبُ بِهَا اَلْأَوْجَاعُ عِنْدَمَا تَعَلَّمَ أَنَّكَ تَقِفُ بَيْنَ يَدَيْ رَبٍّ كَرِيمٍ لَا يَخْذُلُ عَبْدُهْ فَتَدْعُوهُ بِصِدْقٍ وَتَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِالْمُنَاجَاةِ وَتَتَضَرَّعُ بَيْنَ يَدَيْهِ هُنَا تُدْرِكُ أَنَّهُ لَا اِنْسَ إِلَّا بِاَللَّهِ وَلَا عَزَّة إِلَّا بِالتَّذَلُّلِ لَهُ . فَمَا أَجْمَلُ اَلْقُرْبِ مِنْ اَلرَّحِيمِ وَالشَّكْوَى إِلَى اَلْمُطَّلِعِ اَلْعَظِيمِ اَلْعَالَمِ بِمَا فِي اَلْقُلُوبِ اَلْقَادِرِ عَلَى أَزَالَهُ اَلْغَمُّ وَالْأَحْزَانُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَشْتَرِكُونَ فَاَللَّهُمَّ قَلْبًا مَطَمِئِنَنَا وَعْينَا قَانِعَةً وَنَفْسًا رَاضِيَة وَإِخْلَاصًا فِي اَلْقَوْلِ وَعَفْوًا حِينُ نَلْقَاكُ وَعْينَا خَاشِعَةً تَرْجُو رُؤْيَاكَ.