عاش وسط الجماهير ضاحكا ومات وحيدا باكيا .. من يكون؟!!
عاش وسط الجماهير ضاحكا ومات وحيدا باكيا .. من يكون؟!!
…
كتبت / غادة العليمى “حكايات من زمن فات”
كان بإتفاق الجميع سواء المعاصرين له اومن ظهروا بعده حتى أبناء هذا الجيل أحد عمالقة الكوميديا ليس فى مصر فحسب بينما في العالم العربي.
إنه الفنان الكبير الراحل صاحب النكهة المميزة عبدالفتاح القصرى الذى فارق عالمنا منذ ما يقرب من نصف قرن من الزمن .
ورغم مرور سنوات طويلة علي رحيلة مازالت عباراته خفيفة الظل تتردد على آلسنه جماهيره حتى اليوم
فنان من طراز خاص استطاع تغيير مفاهيم النجومية وخطف الاضواء من أوسم الابطال فى عصره
وُلد وفى فمه ملعقة من ذهب على عكس ما كان يظن جماهيره ومحبينه
فوالده كان ثريا يعمل في تجارة الذهب، درس بمدرسة «الفرير» الفرنسية – القديس يوسف بالخرنفش – وليس كما أُشيع من أنه أُمّي وليس متعلم، ومن فرط حبه بالتمثيل التحق بفرقة عبد الرحمن رشدي ثم فرقة چورچ ابيض وفرقه نجيب الريحاني ثم فرقة اسماعيل ياسين
بدأ مشواره مع الكوميديا اثناء عرض
كان يؤدي فيه دورا تراجيديا، إلا إن الجمهور انفجر ضاحكاً على اداؤه الذى اصر ان يكون خفيف الظل ، استشاط چورچ ابيض منه غضبه وفي الكواليس
وبخه وصفعه على وجهه وطرده من الفرقة، بعدما رد عليه قائلا: “بحب أضحك الناس هو أنا لازم أبكيهم علشان ابقى نجم مسرح
وحين سمع الريحانى عما حدث استدعاه ليمثل امامه فى فرقته المسرحية فلمع وبرز واضحك وصنع جماهيره
واثبت القصرى ان النجومية والشهرة ليست لها علاقة بـ”الوسامة”،
فقد تمتع القصرى بـ”كاريزما” خطفت أنظار المخرجين إليه ، وبرع في أداء الأدوار التي أسندت إليه ، فهو “دنجل أبو شنطورة” في فيلم “سي عمر”، وهو “المعلم نفخو” في فيلم لعبة الست” أمام نجيب الريحاني.
ومن جمله الشهيرة التى مازالت عالقه فى أذهان المشاهدين
“إنتِ ست إنتِ، ده أنا جنب منك أبقى مارلين منرو ، “ياصفايح الزبدة السايحة ، يابراميل القشطة النايحة”.. “كلمتي لا ممكن تنزل الأرض أبدًا”.. “يا أرض اخسفي ما عليكِ”، كثير من الإفيهات الضاحكة التي أطلقها معلم الكوميديا عبدالفتاح القصري، التى عاشت لسنوات وسنوات رغم وفاته فى ٨ مارس ١٩٦٤
رحل وترك خلفه حياة فنية ثرية ، و إرثًا سينمائياً بديعا فى تاريخ الكوميديا المصرية ،
بدأ فى الخمسينات بتكوين ثنائى مسرحى وسينمائى ناجح مع نجم الكوميديا اسماعيل وصار جزءًا لا يتجزأ من أفلامه ، منها “ليلة الدخلة”، و”الأنسة حنفي”، و”حرام عليك”، و”متحف الشمع”، و”ابن حميدو”، ومن إفيهاته الشهيرة، “إنسان الغاب طويل الناب لايسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدمُ”.. “مفيش حنفي من النهاردة كلمتي مش هتنزل الأرض أبدا”، “الباز أفندي ده راجل أنا عن نفسي استمناه..عليه كرافتة ترد الروح”، “نورماندي تو”
تزوج القصرى عدة مرات
ومن اجل الفن دخل القصرى مع اسرته الثرية فى عدة صراعات
ورغم الضحك والاضحاك الا انه انتهى نهاية مأساوية
وعاش ايامه الأخيرة حياة بائسة لا تليق بمعلم الكوميديا عبدالفتاح القصري الذى مازال يضحكنا حتى الان بأعمال وخفه ظله وحضوره
ادارت الدنيا ظهرها له فجاءه حين فقد بصره خلال وقوفه على خشبة المسرح بجوار إسماعيل ياسين، وصرخ “أنا مش شايف”، ووسط ضحكات الجمهور، ادرك أصدقاؤه أن المعلم أصابه السوء وانطفأ نور عينيه بسبب مرض السكر ،
ليعيش بقية عمره حزينًا مكتئبًا فاقدًا للذاكرة، بجوار شقيقته التي قامت برعايته حتى رحيله حيث تنكرت له زوجته الرابعة التي كانت تصغره بسنوات كثيرة وتآمرت عليه وأجبرته على الطلاق بعد أن جعلته يوقع على بيع كل ممتلكاته لها وتزوجت من صبي كان يعطف عليه القصري ويعتبره الابن الذي لم ينجبه، وقد زادت هذه الصدمة إصابته بالاكتئاب وظل حزينا في منزله رافضاً للحياة،
ثم ذاد الطين بله
حين جاءت الحكومة لتكمل على باقي الأمان في حياته وهدمت له البيت الذي كان يسكن فيه فاضطر إلى أن يقيم بحجرة فقيرة جداً تحت بير السلم في أحد البيوت الفقيرة في حي الشرابية ، وأصيب من الفقر والبرد وعدم الاهتمام بتصلب في الشرايين أثر على مخه وأدى إلى أصابته بفقدان للذاكرة، وجاءت نهايته في مستشفى المبرة حيث وافته المنية في ٨ مارس ١٩٦٤ ولم يحضر جنازته سوى ثلاثة أفراد وأسرته فقط والفنانة نجوى سالم
وانتهت الحياة الزاخرة بمنتهى كوميديا إلى حياة بائسة مأساوية متوجه بمنتهى البكاء
ولله فى خلقه شئون وشئون
فى اقدار التفكر فيها قد يصيبنا بالجنون