أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

فضل العشر الأواخر من رمضان :

* فضل العشر الأواخر من رمضان :

– ها قد مرَّ شهر رمضان مرورًا سريعا ، فهو كالضيف الخفيف المقام ، وكالنسمة العطرة ، ودخلت العشر الأواخر منه ؛ وهي بمثابة حُسن الختام ، ففيها ليلة هى خيرٌ من ألف شهر . والاجتهاد في هذه الأيام والليالي يكون بالقيام والدعاء وقراءة القرآن والاعتكاف ، ولنا فى رسول الله  أسوة حسنة ؛ فقد روى عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها : ( أنَّ النبى  كان إذا دخل العشر شدَّ مِئزَرَه ، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله ) . والتشمير للسَّاعد كناية عن الاجتهاد فى العبادة زيادة على المعهود ؛ واعتزال النساء وترك الجماع ؛ وأحيا ليله بالعبادة والطاعة والذكر وسائر القربات ومنها كثرة الصدقات إحياءً للقلوب ؛ وأيقظ أهله للصلاة حرصا على اغتنام هذه الأوقات . وكان  يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ، كما قالت عائشة . وكان النبى  أجود الناس ، وكان أجود ما يكون فى رمضان ، كان أجود بالخير من الريح المُرسلة .

– ومما ينبغى الحرص عليه الاعتكاف فى العشر الأواخر ، وهو الإقامة ولزوم المسلم المُمَيِّز مسجدًا مباحًا وهو ما يُسمي” المسجد الجامع”، كافا عن الجماع ومقدماته ؛ طاهرًا من الجنابة ذكرًا وأنثي ، ويجب علي المرأة أن تكون طاهرة من الحيض أو النفاس ، بنية العبادة ، متفرغاً لها ، قربى لله وطلبًا للثواب ، مناجيًا ربَّه ذاكرًا له ، واقتداءًا بسنة رسول الله  ، فقد كان النبى  يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، وكانت أمهات المؤمنين يعتكفن فى المسجد النبوى معه وبعده ، وكان الصحابة يعتكفون معه وبعده . فلما كان العام الذي قُبض فيه  اعتكف عشرين يومًا ، وكان يدارس القرآن مع جبريل عليه السلام المراجعة الأخيرة . وفي الاعتكاف تعويد النفس على ترك القواطع والشواغل عن الله ، من الدنيا والرِّفاق والأعمال وغير ذلك حتى تتربى وتتعود على مفارقتها ؛ ويجوز الاعتكاف بالبيت فى مكان مخصص نظرا للظروف التي نعيشها مع جائحة كورونا التي تستوجب الاحتراز والحرص .

– فالاعتكاف من غاياته تحرى ليلة القدر ؛ فهي ليلة خيرٌ من ألف شهر ، كما قال تعالي : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) } …. وما أدراك ما ليلة القدر؟ فأنت لا تعلم قدرها ، فإن شأنها عظيم ، فهى ليلة أنزل فيها قرآن ذو قدر ، نزل على رسولٍ ذو قدر ، إلى أمةٍ ذات قدر ، فى ليلةٍ ذات قدر هى ليلة القدر ، وإن العمل الصالح فيها يكون ذو قدر عند الله تعالى ، فهو خيرٌ من العمل في ألف شهر سواها ، إحْياؤها بالعبادة فيها خيرٌ من عبادة ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر . ووصفها تعالي بأنها سلامٌ ، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو يلحق فيها أذى بمسلم ، وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل .

– وكذلك سُميت ليلة التقدير ، وهي ليلة مباركة لما يُقدر ويُكتب فيها على العباد من الأقدار والأرزاق والآجال التقدير السنوى ؛ وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وقدَّره ؛ تنقل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلي السماء الدنيا إلي علم الملائكة ، لسوق المقادير إلي المواقيت ، لتنفيذ أقدار الله فى خلقه كلٌّ فى وظيفته ، إذ يقول تعالى :{ حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ – أي يُقدر – كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا ۚ .. الآية } [ الدخان] .

– وقد روى البخارى عن عائشـة رضى الله عنها قالت : قال رسـول الله  🙁 تحروا ليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان) . ثم قال هى فى الأوتار أقرب من الأشفاع : ( تحروا ليلة القدر فى الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) .
– وعن الدعاء المسنون فيها ، ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قلت : يا رسول الله أرأيت أن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : قولي : ( اللهمَّ إنك عفوٌ كريمٌ تحبُ العفو فاعفُ عني ) ..

– وهذه الليلة لا تختص بليلة مُعينة في جميع الأعوام ، بل تنتقل في الليالي تبعاً لمشيئة الله وحكمته . والحكمة من إخفاءها ليحصل الاجتهاد فى التماسها خلاف ما لو عُينت ليلة لاقتصرت عليها ؛ لذا كان الاجتهاد فى العشر الأواخر من رمضان ، وقد قال : ( من قـام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) ، فقيامها إيمانا بالله واحتسابا للأجر عنده جزاؤه مغفرة الذنوب ، ومن غفر له فقد اعتقت رقبته من النار وأدخل الجنة .
– ولا يحسبن المسلم أن الجائزة الكبري تنتهي بليلة القدر ، فقد قال  : ( إذا كانت آخر ليلةٍ من رمضان تجلى الجبارُ بالمغفرة ) ، فصفة الجبار للعاصين وهى من صفات الجلال ، وصفة الغفار للتائبين وهى من صفات الرحمة والجمال ؛ فتأتى صفة الغفار لتشفع عن الجبار فيغفر لهم الذنوب ! وهذه هي الجائزة الكبري فالتخلية تليها تحلية ، وهي دخول الجنة برحمته تعالي .

نسأل الله تعالي أن يتقبّل منا صيامنا وقيامنا ودعاءنا وتلاوتنا ؛ وأن يجعل الصيام والقرآن شفيعان لنا يوم الدين ؛ وأن يغفر لنا ولوالدينا ولأمة محمد ويرحمنا أجمعين ؛ وأن يبدل سيئاتنا حسنات ويضاعف لنا أجورنا ويعتق رقابنا من النار ويدخلنا الجنة من باب الريان ، وصل اللهم وبارك على نبينا وشفيعنا سيدنا محمد وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه إلي يوم الدين ٠

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.