أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

هل يجب أن تعكس الدراما الواقع ؟؟؟

بقلم المؤرخ الفني د. أحمد عبد الصبور

هل تعبر دراما رمضان عن الواقع الحقيقي ؟ هل يجب أن تعكس الدراما الواقع بكل جوانبه ؟ وكيف يتقبل المجتمع مشاهدة مواضيع من غير المألوف تناولها على الشاشة ؟

أسئلة هامة أصبحت حديث كل مواقع التواصل الإجتماعي ، حيث لا تزال مواقع التواصل الإجتماعي تعج بكثير من الإنتقادات التي وجهها البعض إلى الدراما والبرامج الرمضانية لهذا العام .

فقد عبر كثير من مستخدمي هذه المواقع عن إستيائهم بسبب ما وصفوه بـ ” رداءة ” الأعمال الفنية في رمضان على مستوى التمثيل والتأليف والإخراج .

في حين قال البعض إن جهات رقابية وأمنية تدخلت في فكرة وكتابة سيناريو عدد من تلك الأعمال بهدف تلميع النظام أو بعض أجهزته الأمنية .

وفي حين أيضاً أتجه آخرون لوصف دراما رمضان … بأنها مرآة مكسورة لا تعكس الواقع ، حيث إنها لم تعبر عن الواقع الحالي المُعاش لا من قريب ولا من بعيد .

 

ولكن في هذا العام أكثر ظاهرة أثارت التساؤلات هي ظاهرة توريث الفن في مصر … !!!

ظاهرة ” وراثة الفن ” ليست جديدة ، إذ تظهر من حين لآخر وجوه جديدة في الساحة الفنية سواء في مجال الغناء أو التمثيل ، وسرعان ما نكتشف أنها تنتمي بصلة قرابة لأسماء فنية معروفة .

ودائماً ما يرتبط ظهور ابن فنان أو فنانة إرتباطاً وثيقاً بشهرة وجماهيرية النجم الأصل ، بينما تتفاوت درجات الدعم والمساندة من قبل النقاد بشأن ما يسمى بـ ” التوريث ” في ساحة الإبداع .

إن أكثر ما أثار ضجة على صفحات السوشيال ميديا من تساؤلات وإنتقادات هو التساؤل حول كيفية تحويل الساحة الفنية في مصر إلى إرث لأبناء الفنانين والمطربين والملحنينأن الأمر لا يعتمد على مجرد إرث الفنانين لأبنائهم فقط لكن له علاقة بالقيم العليا في المجتمع ، بمعنى أنه عندما يكون هناك قدر كبير من العدالة ستتاح الفرص للجميع .

 

إن الكتاب الجيد يحرر الإنسانَ الذي يقرأه ، كذلك الدراما التلفزيونية الجيدة يجب أن تعكس الواقع الحالي وتتنبأ بالمستقبل لتحرر العقول المتلقية التي تشاهدها .

 

إن الفن بطبيعته عاكس لحقيقة الشارع ، ولا بد أن يتم نقل الحقيقة كاملة ، ويجب أن يفرض الواقع نفسه على الشاشة ، ولكن للأسف صار يظهر الواقع لدى المشاهد مشوشاً وغير حقيقياً .

 

تؤثر الدراما التلفزيونية في شهر رمضان على وجه الخصوص ، في القيم والأذواق بل والكلمات ، فكثير من أعمالها تتحول إلى أحاديث بين الناس ، وأفكار تتحرك في المجتمع يتداولها أشخاص كُثُر ؛ بل يتسمى بعض الأطفال بأسماء أبطال المسلسلات العربية ، كما تنعكس ما تطرحه في أذواق الناس ، ويُستخدم بعض الأبطال في الدراما الناجحة في عمليات الترويج السلعي والسياحي .

وفي ظل بقاء أغلب الأسرة في المنزل بفعل فيروس كورونا ، يصبح الأفراد أسرى للشاشة وما تقدمه من دراما ، التي تلتقي مع الإعلام في أنهما ” فن توصيل المعلومة للناس ” من خلال الإعتماد على التشويق وتوظيف العناصر الجمالية لتحريك العواطف .

 

مما لا شك فيه أن الفن روح الحياة ومتنفس لكل إنسان ، ويعتبر فن الدراما من أقوى الفنون التي تؤثر في وجدان الناس ، بل وتشكل جزء من تاريخهم ، وهكذا الحال هذه الأيام … لكن يكمن السؤال الذي يتردد على مسامعنا … هل ما نراه في الدراما المصرية الآن هو إنعكاس للواقع والمجتمع ، أم أن الدراما هي التي تؤثر في المجتمع ومجريات الأمور ؟

إن الدراما تؤثر بشكل كبير في المجتمع ويصطبغ المجتمع لما تحتويه الدراما سواء بالسلب أو الإيجاب ، فنجد إن كثير لما تحتويه مشاهد الدراما من ألفاظ تصبح على لسان الشباب والصغار فالدراما تعتبر مدرسة بلا معلم ، لذلك عندما نتناول قضية ما في المجتمع يجب مراعاة كيفية عرضها وتناولها بحيث نعرضها بشكل يجذب المشاهد دوم إسفاف أو خروج عن تقاليد مجتمعنا لكي نصل للهدف ولا نحيد عنه .

إن الدراما يجب أن تسلط الضوء على ما هو أخلاقي ولا يفترض أن تلقي الضوء على ما هو سئ أو عنيف ، بل تزيد من رسوخ الأخلاقيات والقيم وتبعد عن أي مشاهد بها إثارة المشاهد ولكن للأسف الأعمال الدرامية أصبحت مثل السلعة التي تصنع لما يجلب إرادات و إعلانات أكثر ، ولكن قديماً كان صناع الدراما هدفهم بروز الأخلاقيات في مجتمعنا وبث روح التفاؤل والإيجابية في المشاهد ، بالطبع المشاهد يتأثر بما يراه ويحاول محاكاته لذلك يجب وضع ميثاق شرف إعلامي يسيرعليه كل صناع الدراما ولا يحيدون عنه .

أن المجتمع يتأثر بشكل كبير والمشاهد بيتوحد مع الشخصيات المقدمة ويحاكيها بشكل كبير ، وأيضاً الدراما تنقل شخصيات في المجتمع فهو تجسيد لبعض القضايا الموجودة في المجتمع ولكن من الأشياء المعيلة للدراما في الآونة الأخيرة مشاهد العنف والدماء والتي كثرت والتي تؤذي عين المشاهد وتمده بطاقة سلبية .

أن هناك مدرستان يتبعها صناع الدراما أولها من يتبع مدرسة التأثير في المجتمع لما يقدم من فن … والثانية مدرسة إلقاء الضوء على القضايا المختلفة في المجتمع ومحاكاة الواقع .

إن للأسف الدراما هذا العام تبعد عن مفردات الدراما ويوجد عدم تناغم في أساسيات وركوز الدراما والأحداث تقدم بشكل باهت غير متجانس وذلك للأسف يأخذ من رصيد الدراما المصرية نحن نحتاج إلى كتابة بها حبكة الدراما .

كما كان في ليالي الحلمية ورحلة أبو العلا البشري ورأفت الهجان والتي كانت تعتمد على ورش كتابة تأخذ وقتها في كتابة الأحداث بشكل مترابط وبه تناغم وإنسجام .

 

يأتي موسم رمضان كل عام ويحمل الكثير من المسلسلات ولكن الظاهرة المتصدرة المشهد فى رمضان 2021 هي ظاهرة عادت بعد غياب دام لأكثر من 20 عاماً … هي ظاهرة مسلسل الـ 15 حلقة التي ستحدث إيقاع سريع وتدفق في الأحداث وتبعدنا عن مط وتطويل بعض المؤلفين للوصول بفكرته لـ 30 حلقة ، وتلك الظاهرة ستكون نموذجاً يحتذي به المؤلفين والمخرجين والمنتجين ، كما أنها تعطي مساحة وفرص لكم كبير من الممثلين للمشاركة في السباق الدرامي .

المؤرخ الفني أحمد عبد الصبور
المؤرخ الفني أحمد عبد الصبور

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.