أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

أديبات بلا قرآن.. عجبًا!

بقلم/ حاتم إبراهيم سلامة

————————-
أديبات بلا قرآن.. عجبًا!
————————-
عجبا كلهن تبهرهن مي!
كلهن يتخيلن مي!
كلهن يطمحن ليكن مي!
كلهن يأملن أن ينلن مكانة مي!
ولم تفكر أحداهن يومًا أن تسير على خطى مي، أو أن تقرأ ما قرأت مي، أو تهتدي للطريق الذي صنع مي، وبلاغة مي، وثقافة مي.!
لم تكن مي روائية أوقاصة، وإنما كانت مفكرة أديبة، ذلك الأدب الذي فقدناه اليوم بمعناه الحقيقي، حينما حاول السطحيون حصره وتجميده في القصة والرواية.. حتى شب الفتية والفتيات، يتهافتون على تأليف القصص وصوغ الروايات، ظنا منهم أنها الأدب، وغاية الأدب، ومقصد الأدب.!
إن الأدب صياغة قبل أن يكون فكرًا وخيالا، والذي لا يمتلك صياغة لأفكاره ،لا يسمى أديبا، ولا يمكن له أن يكون من الأدب في شيء!
ويبقى السؤال: كيف تنمو وتكبر وتثمر هذه الصياغة، حتى يحوز الكاتب لقب أديب؟
لا شك أنها قراءة كثيفة طويلة، وتقليب دائم في صفحات الأدب، وحفظ متواصل لجماليات اللغة وتراكيب البيان، وعناية فائقة بتراثنا العربي، ومن كتبه من أساطين البلاغة والبيان.
وهكذا فعلت مي، وهكذا استجابت مي لمن نصحها لعين البلاغة ومنبع البيان، وموئل الفصاحة، وهو الذي يغيب بكل أسف عن كاتبات اليوم من فتيات الرواية والقصة.
كانت إحداهن تخبرنا يومًا أنها عاكفة على روايات وكتب الأدب العالمي أمثال تشيخوف، وماركيز، ووليام فوكنر، وألبير كامو، وآرنست وغيرهم.. فكان ذهولي من هذا الإقدام الشره على روايات الغربيين ،وإهمال تراثنا العربي عين البلاغة وغاية الفصحاء.!
كانت مي مفطورة على الثقافة الفرنسية وكانت تكتب في جريدة والدها (المحروسة) تحت عنوان يوميات فتاة سنة 1915م، كانت تكتب بالفرنسية، غير أن بعض من حولها نصحها بدراسة اللغة العربية، ومطالعة الكتابات العربية الفصحى، فأخذت تقرأ كثيرا حتى تكونت لديها ملكة عربية دفعتها للترجمة.
تقول مي في غرار تطور العربية في قريحتها: ” قال لي الأستاذ لطفي السيد أثناء الحديث معي: لابد لك يا آنسة من تلاوة القرآن الكريم، لكي تقتبسي من فصاحة أسلوبه وبلاغته، فقلت له: ليس عندي نسخة من القرآن، فقال: أنا أهدي لك نسخة منه، وبعث لي به مع كتب أخرى، فابتدأت أفهم اتجاه الأسلوب العربي وما في القرآن من روعة جذابة ساعدتني على تنسيق كتاباتي”
ولا أعرف اليوم لو أننا وقفنا أمام فتيات الروايات لنسألهن عن القرآن الكريم.. لا شك أن الجواب سيكون مخز جدا، ومخجل جدا، لأنهن لم يتربين على القرآن الكريم ولم يطرقن بابه، ونشأن منذ صغرهن وهن يرونه في بيوتهن، فيما يشبه الحجاب الحافظ، والحرز الواقي من الجن والشياطين، أما أن يكون كتاب نصر وعز وبيان وتمكين، ولغة وفصاحة، وحكم وحياة، فهذا مالم تدركه فتيات الجيل بكل أسف، وهو ما يدعونا أمام حبهن لمي، أن نجدد فيهم هذا الطريق الذي بلغ بمي ما بلغته من الفصاحة والبيان، والثقافة والمعرفة، علهن يقبلن على كتاب الله قراءة واستعذابًا، فيخلق فيهن فصاحة تعيد لنا سيرة مي واسمها الرنان.

fpm_start( "true" ); /* ]]> */
Post Views: 40
المشاركات 589 تعليقات 0
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.