أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

إلاعلام فى مواجهة الاستلاب الناجز!بقلم: د إلهام سيف الدولة حمدان

لاشك أن التطور الكبير الذي طرأ على وسائل الإعلام والاتصال؛ والطفرة الرهيبة التي تحققت في مجال التكنولوجيا؛ أسهم بشكلٍ كبير في ظهور وسائل متعددة لنقل الخبر بسرعة، معتمدًا على الصوت والصورة؛ وبخاصة في التعريف بالأحداث المتسارعة في المجال السياسي، يظهر فيه بعض من ضرورة الالتزام بالمصداقية والشفافية في نقل المعلومة إلى رجل الشارع العادي؛ الذي يتابع التطورات أولاً بأول؛ ويعمل على قياس مدى تأثيرها بالسلب أو الإيجاب على متطلباته الحياتية.

ونتفق جميعًا على القناعة بأن للإعلام دورًا مهمًا في الحياة العامة في تشكيل ثقافة وقناعات العقل الجمعي؛ وبخاصة أثناء فترات الحرب أو مواجهات بعض الفورات الداخلية، سواء بتحريض فئة ما خارجة عن القوانين والأعراف وتوجهات الدولة، ولابد من تحديد وتحجيم مهامها لصالح الأمن والسلامة، فالإعلام بكل أجنحته من صحافة وإذاعة وتليفزيون، هو ما يطلق عليه مسمَّى “السلطة الرابعة” بجانب السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية، ويستوي في هذا الإعلام الرسمي التابع للدولة والإعلام الخاص بقنواته المتعددة، هذا الإعلام الخاص الذي منحته الدولة حق البث للبرامج والمسلسلات وبرامج الرأي واستضافة عناصر المعارضة المعتدلة كدليل على الديمقراطية والاستماع إلى الرأي والرأي الآخر، وفي قناعتي أن من له حق “المنح”؛ له كل الصلاحية ـ في حالة التجاوز سياسيًا وعقائديًا ـ في أحقيته الطبيعية بـ”المنع” وإيقاف كل مامن شأنه خلخلة الجبهة الداخلية وبث الفتن وتأليب الرأي العام.

ولا ننكر أننا في مواجهة الإعلام المناوئ ـ في فترة الحرب السياسية والعقائدية ـ لا يوجد لدينا إعلام قوي صادق؛ يدرأ هذا الخطر ويمنعه من بلبلة الرأي العام المصري، بل لا يحظى بثقة المواطنين، الذين يديرون مؤشرات البحث عن الفضائيات الخارجية التي تشبعه بكل المعلومات الخاطئة والمشوهة، والأمر الأدهى أن هناك أحد العاملين في مجال الإعلام الرسمي للدولة ـ وهو إعلامي كبير ـ خرج علينا باتهاماته للمؤسسة التي يعمل بها، وإنها لا تقدم المصداقية الواجبة للمستمع والمشاهد المصري؛ وتعمل على تشتيت أفكاره وتعميته عن الواقع الحقيقي المُعاش، مما يُحدث التخبط والتشويه والخلط بين الواقع وبين المادة الإعلامية التي تقدم إليه!

ومن المدهش؛ أن تتوالى بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة؛ عن عمليات المواجهات المستمرة بين عناصر “الخوارج” المتسللين إلى داخل حدودنا بأرض سيناء الحبيبة، والإعلان عن استشهاد خيرة أبناء الوطن من الشباب؛ الذين آثروا أن يكونوا الدرع الواقي لحدودنا الغربية، أن نرى ـ في الوقت نفسه ـ تغافل وتجاهل من الإعلام؛ ونرى على الشاشات استفزازات للوجدان والمشاعرالإنسانية ما أنزل الله بها من سلطان، باستضافة شخصيات هزلية هلامية لا ثقل ولا تأثيرلها داخل المجتمع؛ تعمل في مجال الفن الهابط ليحدثوننا عن نظام مأكلهم وشرابهم والمنتجعات التي يفضلونها لقضاء أوقات الاستجمام!؛ وكأنهم لا يتعايشون مع معاناة المجتمع ومشكلات الشباب الذي يبحث عن شق الطريق إلى الحياة العملية بكل الصعوبة، ولا يعني هذا أننا ضد الفن الهادف الحقيقي؛ ولا الشخصيات الفنية المحبوبة التي تبث آراء وطنية تسهم في تغذية قناعات المشاهدين؛ وتضعهم على المضمار السليم في اتجاه المصالح الوطنية للدولة المصرية.

وتمديدًا لدور الفن؛ نطالب بسرعة إنتاج أفلام وثائقية مدعمة بالحقائق على أرض الواقع؛ ترد على موجة الأفلام التي أنتجتها ماكينة الأبواق الغربية بهدف الإساءة للدولة المصرية والنيل منها قيادة وشعبًا؛ بحشده بكل الأحداث المشوهة والمغلوطة؛ كالفيلم المسيء الذي يحمل عنوان “ظلال مصرية” Shadow of Egypt.

لقد بُحَّتْ حناجرنا وجف زاد أقلامنا ونحن ننادي بضرورة تفعيل دور الإعلام الوطني المسموع منه والمرئي؛ في وجوب توخي عرض الحقائق في المعلومات، والإضاءة على المشروعات القومية التي تقوم بها الدولة لحساب رفاهية المواطن؛ وطمأنته على مستقبله ومستقبل الوطن، وليكون الإعلام بحق مرآة تعكس الوجه الحقيقي لكل إنجازات القيادة السياسية، وليست مرآة ضبابية مشوهة يحكم البعض منها الغرض والمرض وعدم الحياد المفترض في تلك الوسائل، وتعمل على تثبيت مفاهيم ما يسمَّى بثقافة الاستلاب الناجز: ثقافة العنف والخوف، بل خلق روح التمرد على السلطة والقيادة الوطنية، وإيقاظ النزعات الدينية والمذهبية والعرقية، والعمل الدءوب على تعمد تفسخ العلاقات الإنسانية؛ وترسيب الروح العدائية في اللاشعور الجمعي لتنميط وتسطيح الأفكار للشرائح التي يقومون بتصدير هذه الثقافة إلى أعماقهم؛ فيصيرون أداة طيعة لا قرار لها في يد المنتفعين بهذا الاستلاب.

والطامة الكبرى في المرحلة الراهنة؛ أن نجد بعض الإعلاميين؛ الذين تتلمذوا على يد جهابذة الإعلام المصري، وآوتهم مصر مسكنًا ومعيشةً وملاذًا ـ بعد لجوئهم إليها مطرودين من أوطانهم التي اجتاحتها الموجات الداعشية ـ بالتحاقهم بأجهزة الإعلام الخارجية المعادية للتوجهات الوطنية المصرية، وبث سمومهم على تلك القنوات، الأمر الذي يستوجب وضعهم على “قوائم الحظر” وعدم دخولهم مرة أخرى إلى الأراضي المصرية، وللأسف الشديد أن هناك البعض من المثقفين والأدباء من يساندون هؤلاء في توجهاتهم العدائية، ولا يخفى علينا أن هذا يتم “لغرض في نفس يعقوب”، ويعقوب العصر الحديث هو الدولار والدينار واليورو، الذي لا يساوي خردلة من تراب الوطن المقدس.

الوقفة الجادة مطلوبة ـ الآن وليس غدًا ـ نحو تصحيح المسار؛ حتى لا يحيد بنا عن الهدف الرئيس من حتمية تواجد الإعلام الذي يتمتع بإيمانه برسالة الوطن وقيادته الوطنية.
نقلا عن بوابة الاهرام

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.