أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

الحب الأسري بين الممنوع والمرغوب … بقلم: جمال القاضي

الحب الأسري بين الممنوع والمرغوب

بقلم: جمال القاضي    

لاشك أن كل إنسان في هذه الحياه مثله مثل كل المخلوقات التي خلقها الله على هذه البسيطة من الكائنات الحية، خلقه يمتلك غريزة طبيعية وهي حبه لأولاده مهما كان بينه وبينهم من مظاهر الغضب أو تبدو على ملامحه ملامح توحي بالتعصب منهم أو عليهم، لكن هناك بعض من السلوكيات التي تعمل على الضياع الظاهري لهذا الحب وهذه العاطفة الطبيعية التي تعكس الرحمة لما يحمله في قلبه من جميل لهذه المشاعر، وهي أننا نجد من يخفي هذه المشاعر عن أولاده أو أحد منهم ثم تبدو عليه ملامح اللهفة والاشتياق إذا ما كان أحدهم بعيدا عنه،
والسؤال لماذا هذا السلوك العجيب من الأب تجاه أولاده من الإخفاء المتعمد لهذه المشاعر؟ ولماذا تتعامل الأم بعنف مع ابنتها؟
تعددت الإجابات واختلفت باختلاف وجهات النظر للآباء، فهناك من يرى في إنه لو أبدى لابنه مشاعر حبه له، فإن ذلك في نظره قد يفسده ويفسد رجولته التي يتصور أنها حيث يجب أن يمتلك قلباً ميتاً وكل ما فيه هو قسوة لكل مشاعر الحب حتى يستطيع أن يتعامل مع المجتمع القاسي بمن فيه بنفس قسوته،
وهناك منهم من يرى أن الإفصاح عن هذه المشاعر لأبنائه سواء كانوا ذكوراًً أو إناثاً أن مع هذا الإفصاح مفسدة للمكانة التي وضعها ورسمها الأب لنفسه داخل الأسرة، مما قد يضيع هيبته بهذا الإفصاح عن المشاعر،
المزيد من المشاركات

في يوم المسرح العالمي: المسرح هو منبر التعبير الحر والإبداع…

مثل هذا ما يكون لمعاملة الأم لابنتها ، فقد تقسوا ظنا منها أن مع هذه القسوة دروساً يجب أن تتعلمها الابنة، ومنها أن تصبح قادرة على تحمل المسؤوليات بعد زواجها ،
وعجبا هل هذه الدروس كانت لا تستطيع أن تتعلمها إلا مع هذه القسوة وهذا العنف؟ هل سيدتي قمتِ بتجريب أساليباً أخرى وتحققتِ من فشل نتيجتها؟
حتما فإن الجواب لا، لكن هذه هي التي تربت من قبل عليها، فكيف يعطي مدرسا فقد التعلم وأسلوبه؟
لكننا توارثنا هذه الموروثات الخاطئة وصارت في نظر بعضاً إن لم يكن جميعنا هي الأصوب على الإطلاق، فصرنا في نظر أولادنا ما بين أعداء لهم، يبدو عليهم سلوك الالتزام حين نتواجد بينهم ، خوفا من العقاب رغم محبتنا لهم ، وبين عشوائية لسلوكهم حين نتوارى عنهم ،
وكأن عصا القسوة والجفاء هي الأصوب ولا غيرها!
ولكن لو نظرنا وتعمقنا في النسيج المجتمعي المتداخل، وقمنا بالمقارنة بين أب وأم يتعمدان إخفاء مشاعرهما من الحب عن أولادهم بغيرهما من أب وأم قد جعل الترابط بين الأسرة مبني على الصراحة والمصداقية، لوجدنا أن معظم مشاكل هذا المجتمع كانت من تلك الأسر التي تتعامل بعنف مع أبنائهم ولم يدرك أحد أفراد الأسرة أو يشعر ولو شعوراً كاذباً بما في قلب والده أو الدته من محبة لهم ، لأنهما في حالة إخفاء دائما عنهم في حالة حضور الأولاد ، وفي نشاط وإفصاح لهذا الحب حين غياب هؤلاء الأولاد، عجبا إنه لأمر يثير الدهشة والحيرة!
وفي المقابل سنرى تلك المظاهر الصحية في التعامل بين كل أفراد الأسرة التي جعل فيها الأب من كل أبنائه أصدقاء له ، وكذلك الأم من كل أفراد أسرتها أصدقاءً لها ، وبالتالي قد ذابت بينها وبين بناتها فوارق وفواصل الخجل ، فكانت ابنتها ابنة وصديقة في ذات الوقت والحال، ليحكي كل صديق لصديقه داخل هذه الأسرة عن مشاكله ويجتمعوا جميعا على حل لمشاكلهم، مهما كانت مستعصية عليهم.
إن الإفصاح عن مشاعر الحب وعدم إخفائها عن أبنائنا وبناتنا هو أحد الخيوط التي تربط القلوب ببعضها داخل الأسرة الواحدة ، فهذا الحب هو الوقود الذي يجعل الأسرة تستمر وتشعر دائما بالاستقرار، فإذا كان من الواجب على أولادنا الاحترام والتوقير والإحسان، فمن حقهم علينا أن نحبهم وأن يشعروا بهذا الحب، وذلك تجنبا للوقوع في محظورات الشك التي تسوق بضعاف النفوس منهم وتسولات شياطينهم إلى الانتحار ظناً بأننا لم نحبهم .
علينا أن نتجنب في تربيتنا لهم أسلوب اللوم والعتاب المتكرر لمجرد فشلهم في موقف أو مجموعة من المواقف ، ويجب علينا أيضا أن نعلم يقيناً بأن كل مكتوب كتبه الله علينا أو عليهم هو قدر محتوم لا يغيره عتاباً ولا يحبسه لوماً أو عنفاً كان منا مع العتاب.
وأخيرا:
إن أولادنا هم تلك الثمار التي كم جاهدنا وقاتلنا في هذه الحياة لنحصدها، فعلينا أن نجعل الحلو في مذاقها، كان بكل جميل كنا نقدمه لهم، فكن أنت وأنا وغيرنا ممن ينتقي البذر الذي ينبت على أطرافه الثمر، واجعل مشاعر الحب هي التي تجمع الجميع على مائدة التحاور والتي يقدم في أطباقها صنوفاً مختلفة من مشاعر يزينها الخلق ويسكنها الحب ،وتشتهي تواجدها الروح الطيبة ، نقطف بعدها ثماراً من أولاد نفتخر بإنجابهم، رافعين رؤوسنا وسط المجتمع قائلين نحن من أنجب هؤلاء.
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.