أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

الشعور واللاشعور وماذا بينهما يكون؟ … بقلم: جمال القاضي

الشعور واللاشعور وماذا بينهما يكون؟

بقلم: جمال القاضي  

يمتلك الإنسان جهازاً عصبياً هو المؤثر في جميع عملياته الحيوية، الارادية منها واللاإرادية، خلق الله له حواساً هي بمثابة
كاميرا خارجية ترصد وتلتقط وترسل وتعبر؛ هم جميعا أدوات وأعضاء خاضعة لهيمنة وسيطرة المخ ، وترسلها إليه ليبدأ دوره في الاستجابة والترجمة والإرسال ثم يعود ليرتب ما تم رصده في خزانة عجيبة.
كل ذلك مع جهازين يعمل كل منهما مع الآخر في تناسق عجيب يجعلنا نقف عند الآية ٢١ في القرآن الكريم – سورة الذاريات -.
وقوله ( وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ) لنعيش لحظات مع ما يدور بداخلنا بين الشعور واللاشعور.
الحواس الخمسة العين وتصوره بعدساتها حين ترى الأشياء من حولها ، والأذن وما تسمع من همس وضجيج والأنف وما يستنشقه من روائح،
مميزا بين ما هو جميل منها، وما هو يجعلنا منها في نفور، والفم وما يتذوق به من ملح ومر وحلو الطعوم،
والجلد وما يشعر به الجسد من برودة وحرارة للجو الذي من حولنا،
هي جميعا مستقبلات تخضع لجهازين؛ جهاز الشعور (الجهاز الواعي) والذي يمتلك القدرة على السيطرة والتفريق والتحكم،
ثم يرسل تلك المعلومات للمخ (رئيس الحواس الأعلى ورئيس اللاشعور) فيترجم ما وصل إليه من معلومات مرسلا استجابته مرة أخرى إلى الحواس على هيئة معلومات مترجمة كرد فعل منه لما كان منها مرسلا إليه،
لكن علينا أن نعلم ما هو الجهاز الآخر غير جهاز الشعور،
هناك جهاز يتبع الجهاز العصبي، وهو جهاز اللاشعور، هو بمثابة خزانة وحافظة لكل المعلومات التي وصلت للمخ وترجمها،
به يتم الإحتفاظ بكل المعلومات ، نسخة تبقى به ونسخة تظل مطبوعة على العضو الذي قام بإرسال معلوماته للمخ ، ويعتبر المخ هو الحارس الوحيد بالجسد على أقفال هذه الخزانة العجيبة ( جهاز اللاشعور ) فهو في العادة لايحاول كثيرا في أن يسمح بإخراج المعلومات التي به والتي وضعها المخ كأمانة بين يدية شرط أن تكون هذه المعلومات طبيعية لإستجابة طبيعية من الحواس لمواقف غير عنيفة يتعرض لها الإنسان .
المزيد من المشاركات

أقف احترامًا … بقلم: منال صالح

إلا أن هذا الجهاز يتمرد أحيانا طارقاً الباب بشدة محدثاً ضوضاءً وضجيجا من الداخل؛
حتى يفتح المخ الباب أمام أحد المعلومات المحفوظة به والتي كانت سبباً في كل هذا الضجيج نظراً لعدم قدرته على تحمل بقاؤها بداخله،
وذلك لأن هذه المعلومة كانت من موقف عنيف صاحبه استجابة عنيفة من أحد الحواس أو جميع حواس الجسد،
مثل التعرض لصدمة نفسية شديدة، أو حادث شديد، فهنا قد يفتح المخ الباب أمام المعلومة لحظات قليلة ثم يغلقها مرة أخرى في محاولة لإفراغ الشحنة الكهربائية الشديدة، فنرى أشكالا عديدة كلها من مظاهر رد الفعل أثناء فتح هذه الخزانة بهذه اللحظات القليلة،
مثل الكوابيس التي يراها الإنسان في نومه أو الفرع الشديد والهلوسة أثناء النوم تحت تأثير الأقراص المنومة بعد التعرض لحادث أو صدمة .
والسؤال: لماذا نرى مظاهر الهلوسة والجنون بعد فترة طويلة من العقل؟ ماذا حدث هنا؟
غالبا هذه المظاهر التي نراها من الهلوسة والانفعالات الهستيرية، والتي قد يعقبها نوعاً من الجنون،
هي مظاهر قد تكون مرتدة أو غير مرتدة، بمعنى أنه بعد إفراغ هذه الشحنات الانفعالية نتيجة الاستجابة العنيفة فقد يعود التصرف إلى ما كان عليه من العقلانية للفرد، لكن هناك أشكالاً لا يستطيع معها الشخص إن يصبح سوياً كما كان من قبل،
ويرجع ذلك إلى فقدان العقل الواعي قدرته على إحكام غلق الأقفال على تلك المعلومات بخزانة اللا شعوري أو العقل الباطن، فيصبح الباب مفتوحا على مصرعيه أمام كل ما تم تخزينه لتخرج أشد المواقف استجابة أولا، ثم الأضعف والأضعف.
وما يستدل على صحة القول هو ما يكون من الأشخاص عند خضوعهم للعمليات الجراحية، وتنويمهم تحث تأثير المخدر الكلي،
حيث تم العمل على إيقاف الجهاز الواعي تماما فيفقد الشعور (الجهاز الواعي) قدرته على التحكم في قفل باب خزانة اللاوعي أو العقل الباطن، فنرى الشخص يبوح بأسرار يستحيل من قبل أن نعلمها عنه لو كان في وعيه، وعند عودته الى الشعور نوعا ما وبالتدريج،
فإن آخر موقف تعرض له قبل إجراء العملية الجراحية والمخزن بآخر معلوماته هو ما يتحدث به أولاً حتى وإن كان محتفظا به وبخياله من قبل،
وعن النسخ التي تحتفظ بها الحواس للمواقف بعد ترجمتها من المخ هل هناك فعلا نسخة مطبوعة على تلك الحواس؟
الإجابة نعم هناك على كل حاسة يملكها نسخة محتفظة بها وتبقى حتى بعد موته لتنطق أمام الله حين ينكرها الإنسان،
وعلى سبيل المثال لو كانت العين في غياب عن الوعي نتيجة نوم عميق أو تخدير فإنها ترى جميع المعلومات التي تم التقاطها من قبل،
وكأنها شاشة تعرض عليها جميع المواقف التي استقبلتها، فيفزع النائم ويفيق على ما يرى وكأنه مازال متواجدا على مسرح الحادث أو الموقف
(استجابات متكررة)، وكذلك الشخص الذي يتعرض لسكرات الموت تعرض على شاشة عينية كل ما قام به وما شاهدته عيناه من أفعال تمت منه من قبل.
وكذلك الأرجل والأيدي، فعند بترها نلاحظ الأعصاب تنقبض وتنبسط لفترات طويلة وكأن الشخص مازالت أقدامه في رغبة للسير وما ذلك إلا من تلك النسخة التي مازالت موجودة على هذا العضو من رفع ليديه أو تحريك لقدميه كما كان يفعل من قبل.
فما بين الشعور واللاشعور تناسق يجعل الإنسان يبدو طبيعياً في تصرفاته وذلك في حالة إن كان هناك للشعور سيطرة، أو أن يظهر عليه علامات للجنون والهلوسة إذا فقد عقله الواعي (أو الشعور) قدرته على السيطرة، فسبحان الخلاق العظيم وتبارك الله أحسن الخالقين.
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.