أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

الكورونا تترنح بين الإفراط والتفريط / كتبت: د. رحاب أبو العزم

الكورونا تترنح بين الإفراط والتفريط / كتبت: د. رحاب أبو العزم

تميز المسلم
حينما يكون المصاب جلل، والابتلاء عظيم يُطالَب المسلم بالتميز عن غيره؛ فينأى بدينه وبنفسه عن اللامبالاة والتفريط الساخر، وعن الإفراط المنفر والاستماع إلى الأكاذيب ونشرها. لقد استرعى انتباهي قول البعض (نحن في نهاية العالم)، واسترعى انتباهي من قال: (هي عقوبة الله).

أين المؤمن الحق بين هذه الأقوال المتضاربة؟
نحن نسير في الحياة وفقًا لكتاب ربنا، وسنة نبينا ﷺ، وما استجد وما فرضه الواقع محكومًا أيضًا بشريعة الله تعالى؛ فهل هي نهاية العالم؟ قد مرت الحرب العالمية الأولى والثانية، وراح ضحيتها ملايين من الأفراد المحاربين وغير المحاربين، ولقد مرت لحال سبيلها وخلفت دمارًا شاملًا؛ بيد أن الأرض البشرية قد عادت، وبدأت الحرب الباردة دمرت بعض الأفكار الراقية، وبات الاعتماد شبه الكلي على الوسائل المادية، وابتعدت بالبشرية عن إنسانيتها ومشاعرها، وانتهت وراحت لحال سبيلها، وعادت الأرض، وعاد البشر. هل نحن في نهاية العالم؟ لم تظهر علامات القيامة الكبرى يا من تدعي النهاية.

هل هي عقوبة من الله تعالى؟
لا إفراط فى الإجابة ولا تفريط؛ لا مجال للفتوى والتشديد على الناس بأنها عقوبة من الله تعالى، ولا سبيل أبدًا للتهاون والاستهزاء بأقدار الله وحكمته سبحانه.
لقد حصل الطاعون في وسط أخير البشر بعد الأنبياء والرسل فلم تكن عقوبة، وإنما ابتلاء لجأ فيه الفاروق رضي الله عنه إلى الطب والدين؛ إلى الأخذ بأسباب الشفاء، وإلى التضرع إلى الله تعالى وهو طاعون عمواس.
ثم الطاعون الجارف الذي جرف وأمات الكثير فى زمن عبد الله بن الزبير في البصرة، ثم طاعون الفتيات الذي أمات الفتيات والنساء، ثم طاعون الدولة الأموية واستمر حتى شهر رمضان وحسب ما قرأتُ للإمام ابن كثير بأن هذا الطاعون فى رمضان كان ينتج فى اليوم ألف جنازة، وطاعون المغرب إبان دولة المرابطين الذي انتشر إلى تونس والاسكندرية عن طريق عدوى التجار وهي دولة المرابطين التي تُعَد من أفضل الدول الإسلامية، والتي حولت بلاد المغرب العربي إلى السنة على المذهب المالكي. فهل هذا عقوبة من الله لجميع هؤلاء الأخيار؟

هل نستبعد العقوبة بالكلية؟
لا؛ فنحن نقيس الأمور بمقياس الوسطية؛ لا نستهين بقدر الذنوب والفواحش التى أفسدت الأرض، فأراد الخالق تعالى تنبيه عباده بالاستخلاف الذي حوله بعض البشر إلى فساد، ولا نستهين بعقوبة الله تعالى للصحابة حينما خالفوا الأمر النبويّ يوم أحد فابتلاهم الله بهزيمة نكراء فى غزوة أحد
الكورونا هي حرب بيولوجية، أو هي ابتلاء، أو هي وباء، أو هى طاعون؛ لا يهم الأسماء، والمهم أن نخرج منها على قدر عالٍ من الوعي الطبي، وعلى قدر عالٍ من خشوع القلب، وتضرعه إلى الله تعالى؛ فأعتقد أن كل مننا له ذنب يصر عليه فليقلع عنه بنية أن يرفع الله غضبه ومقته عنا.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.