أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

المثقفون الفلسطينيون بقلم/لطيفة محمد حسيب القاضي 

المثقفون الفلسطينيون 

تعتبر الثقافة في فلسطين جزءا لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية على مر العصور والتاريخ،حيث أن معظم الكتاب والأدباء الفلسطينين ناضلوا على إختلاف توجهاتهم الايدلوجية من أجل إكساب و إعلاء الكلمة بحجم الرصاصة، والخروج من طوق العزلة و المطاردة و المضايقة بتطوير أدواتهم الفنيه ونشر إنتاجهم بالمنابر المتوفرة. إن بداية ظهور المجلات والصحف الأدبية و الثقافية في فلسطين يرجع إلى عام 1905 ميلادي ،حيث كان الإهتمام كبير بنشر كتابات المثقفين الفلسطينيين في فلسطين وفي الشتات ، و بالإضافة إلي نشر كل ما ينتجه الشعراء المثقفين وكبار الكتاب و الأدباء العرب المناصرين للقضية الفلسطينية، فكانوا المثقفون الفلسطينيون هم جزءا لا يتجزأ من الأوساط الفكرية العربية،من حيث إنتشار مستوى التعليم بين الفلسطينيين بطريقة كبيرة،فإنهم يعتبرون أكبر نخبة من المتعلمين في الوطن العربي.بدأت الصحافة العربية منذ العقد الثاني من القرن التاسع عشر، فقد لعبت المجلات والصحف في تلك الأيام دورا كبيرا هاما سياسيا و ثقافيا في مقاومة الاستعمار و أستنهاض الشعورين الوطني و القومي .

المثقفون الفلسطينيون

ففي سنة 1981 ظهرت مجلة غلافها أنيق و يكاد أن يكون عنوانها غير مألوف هي مجلة ( رصيف 81 ) ،كان حجم المجلة( 15×27 ) ،أسسها الشاعر& علي فودة& الذي أستشهد أثناء حصار بيروت و هو يوزع العدد الثامن من المجلة على المقاتلين و هو صاحب وكاتب و محرر وموزع المجلة (رصيف 81)، و أيضا كان معه الكاتب الكبير &رسمي أبو علي& الذي كان صحفيا ونشيطا و مثقفا دافع عن حرية الرأي و حيث انه كان يعرف من خلال تجربيتة النضالية الطويلة كيف ومتى تشري الصحافة و الصحفين ،فرفض أن يكون ضمن سوق الأسترقاق ،وأيضا &سمير أنيس و آدم حاتم وأبو روزا وغيلان و مهدي قاسم& ، و الآن هم ثلاثة فوق التراب وثلاثة تحت التراب ، على فودة توفي في تراب بيروت، وأدم حاتم توفى في جنوب لبنان وسمير أنيس توفى في تراب دمشق ، وحيث ان الكاتب رسمي ابو علي في عمان يصعد فوق جبل عمان لرؤية فلسطين و ابو روزا في شمال السويد و غيلان في استراليا.

هولاء الكتاب كانوا غير معروفين في جمهورية الفكهاني فقد اصبحوا أبطالا ،و زاد عددهم عن العشرة من بينهم عراقيون و سوريون وفلسطينيون ولبنانيون و اردنيون ، وهم لم يكونوا الأكثر موهبة بل تفاوتت الموهبة لديهم من شخص إلي آخر، كان لديهم حلم هاديء متمرد الأمر الذي أدي إلي نفخ رياح جديدة على المشهد الشعري في ذلك الوقت، وأعتقد البعض أن هذه المجلة ربما تكون نهفة و لكنها شكلت من الدهشة لجمهور الفكهاني من حيث الفكرة واللغة والأسلوب ، غير ما تعودوا عليه جمهور الفاكهاني والجمهور السياسي الثوري في بيروت .فكانت الفكرة في المجلة بأن الثقافة السياسية الثورية السائدة كانت ثقافة تقليدية محافظة فلابد من تثورها ،فالمجلة كانت تيارا جديدا مختلفا عن أي تيار ظهر في ذلك الوقت و فلم تكن المجلة تنظيما، فسعت المجلة لخلق تيار شعبي للمهمشين.

كانت الرصيف رؤيا مستقبلية و نهجا مستقبليا أيضا، فوضع فيها منهجا للمواجهة مع النظام الدولي المقبل ، أيضا سارت على الإستقلالية التامة ،ففي العدد الأول أظهرت المجلة تصورا عاما لما سوف تكون عليه المجلة و لكنها قوبلت بالعديد من الإنتقادات، وعند ظهور العدد الثالث ظهرت بصمة خاصة بالمجلة في الوسط الأدبي والمحلي والعربي،فأمتدت ردود الفعل لتشغل نقد المواد المنشورة.كانت المجلة إمتداد لشخصية علي فودة، فكانت معاير النشر لا تخضع لأي معايير فنية ولعل هذه الصفة هي التي ميزت المجلة عن غيرها،فظهرت أنماط عجيبة من القصائد الشعرية و أكثرها غرابة مثل القصيدة الألكتورنية للدكتور عادل فاخوري وهي بعنوان (من أنواع الأراجيح )فكان يرى أن شعره ثورة الحروف فينتشر حرف أسمه عادل فاخوري بشكل عشوائي ،أيضا نشرت المجلة تجارب شعرية متعددة ، و حيث أنها تنشر مع القصائد شعارات في هوامش المواضع الأخرى، أو على الغلاف شعارات مثل (يا صعايدة الأرض انفجروا)، (أعذب الكلمات مع بودابست لا )،(رغم الحصار بين يدينا الإبداع الكايد ومعنا مفاتيح الثقافة المستقلة ).

تضمنت المجلة إعلانات ذات أهداف، فنشرت في المجلة حوارات فريدة من نوعها كحوار مع شحاذة،و مسح أحذية، و غجرية ،كما أنها كانت تنشر في صفحاتها الأخيرة كل ردود الفعل والمقالات النقدية مع تعليق ساخن كان يكتبها علي فودة.

كانت المجلة ذات بعد ومغزى سياسي لأن المجلة جاءت لتناضل ضد المؤسسة و المؤسسات، فكانت هيئة التحرير تشير إلي خططها السياسية الفكرية( نحن شباب عرب -عراقيون وسوريا و فلسطينيون ولبنانيون و نحن أمميون ملتزمون أساسا بقضية الإنسان قبل أي شيء -الإنسان المسحوق )، بالإضافة إلي أنه كتب في المجلة حول (أدب الرصيف ) حيث انه عرف أدب الرصيف منذ زمن الصعاليك فكان يقوم على مهاجمة كل الأنظمة القائمة و محاولة كسر كل الأعراف. 

إن مجلة الرصيف ذات طبيعة تنبؤيه تستطيع معرفة المستقبل وإعداد الذات من أجل المواجهة،فإن مجلة( الرصيف 81 )هي فكرة و رؤية تحمل عناصر الديمومه وبسبب تجسيدها لقوة الضرورة الموضوعية، وقبل أن يخرج العدد الثاني من المطبعة انشق &رسمي أبو علي &عن &علي أبو فودة& حيث انه أتهم علي فودة بأنه (خان الهامشية ) فقاد المنبر إلي علاقة غير بريئة.

أيضا شاركوا في (رصيف 81)صادق أحمد وحيد صالح وحسني البدري و صفوان حيدر قبل الاجتياح. 

فقد تعرضت مجلة( رصيف 81 ) إلي العديد من الانتقادات و الردود الفعل ،حيث أنها أثارت العديد من السخرية والتعليقات اللازعة، فاعتبروها مجرد مجلة متواضعة تحمل إبداع ،ولكن رؤية الرصيف تجاوزت كل التوقعات ،لقد جاء &رسمي أبو علي& فمهد لظهور( الرصيف 81) ،في سنه 1979 من خلال بأصدار بيان وقعه مع الكاتب التونسي& الصافي سعيد& فعمل مع احد التنظيمات بيانا وزعوه وحمل عنوان( المانفستو الجنائزي رقم صفر )مضمونه الهجوم على المؤسسة السياسية الفلسطينية وكان مضمون الخطاب اختزلت الثورة في مؤسسات والمؤسسات أختزلت بالقائد الزعيم الخالد الرمز& ياسر عرفات & رحمة الله عليه وبعد إنقطاع دام أكثر من واحد وعشرين عاما،حيت أن صدور عدد جديد من مجلة الرصيف يعتبر معجزة ذلك لأنه لا يوجد في تاريخ المجلات العربية أن مجلة عادت الي الصدور بعد توقف لأكثر من عقدين، وأن دل هذا فيدل على أن مجلة الرصيف هي مجلة ليست إبداعية فقط بل هي فكرة تحمل في عناصرها الديمومة بسبب تجسيدها لقوة الضرورة الموضوعية . 

تعتبر مجلة( الرصيف 81 )أنها ذو طبيعة تنبؤيه منذ البداية، وأنهم أمميون لأنهم يعرفوا أي جهد ثوري أو إصلاحي لابد أن يتخذ منحني أمميا و لأن حركات الحفاظ على البيئة و حركة مناهضي العولمة وجمعية أصدقاء الأرض هم حلفاء طبيعيون للرصيف لأنهم يهدفون إلى الهدف ذاته ،الاستقلالية عن أي حزب أو تنظيم ايديولوجي التي كانت منتشرة في سنة1981.

 

إن المجلات الأدبية والثقافية الفلسطينية لعبت دورا كبيرا في إثراء و زيادة الوعي لدي الفلسطينين في الوطن وفي الشتات،حيث أنها قامت وساعدت على النهوض بالحركة الإبداعية الثقافية، فتعديد المجلات والصحف الثقافية كان له الأثر الكبير في التوجيه والتثقيف و لها الأثر الكبير في جماهير المتلقين، و في مخاطبة الناس و الاتصال بهم عقليا لتحقيق هدف توصيل المعلومة،حيث الكتاب يكتبون آلام الوطن المحتل الذي يقفز و يتراقص بين الكلمات ،فهم يعملون على نحت الهوية الثقافية الفلسطينية. 

 

المصادر 

(مقالات بقلم أسامة فوزي بتكليف من مركز الابحاث في جريدة البيان 1983 )

(رصيف 81 بقلم رسمي أبو علي 2016)

(جريدة الزمان العدد1306 عام 2002 )

جريدة الحياة عام 1996 )

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.