أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

جبران ومي وحب خالِد ينشأ بين أطراف الأرض

كتبت سارة خالد 

مي زيادة وجيران خليل جبران وقصة حبٍ تنشأ علي أطراف الأرض في زمنٍ كان خط اليد هي الرسائل وإيصالها يكلف الدولة والشخص أمول كثيرة، لكن؛ الحب لا يعرف المسافات، ولا يختار بين مَن مِن البشر ينشأ ولو سألت جبران لماذا مي؟ وانت الذي تعيش في الغرب، لك من المعجبات ملايين، تقع النسوة في غرامك وهن جوارك وتَفتُح نسوة الغرب أمام عينيك فلماذا تقع في حب إمرأة بينك وبينها مسيرة سفر، وحديثك معها بتطلب الصبر، والأمل في أنها سترسل مرة أخري، لن تجد عند جبران إجابة.
هذا الحب الذي ينشأ في القلب ويتجرد من المنطق هو العن انواع الحب وأسوأها، ويجلس في القلب يجعله يأكل نفسه بنفسه دون تدخل من العالم المادي الجميل، كذلك مي، لو اتينا بها وسألناها، لماذا جبران يا مي؟ لماذا هذا الرجل الذي كتب الاجنحه المنكسرة وعبر عن الفتاة بهذا التعبير، لماذا يا مي وأنتِ من تمردتِ علي الواقع وخلعتِ لباس التِكرار والعادات والتقاليد في الشرق وانتِ الصبية اللبنانية الجميلة التي وقع في حبها أدباء وانتِ من رفعك سلم المجد حتي السماء، فكنتِ اول فتاة تدخل الجامعة والأديبة الراقية والشرقية المتمردة، لماذا جبران الذي يقبع في آخر البلاد، المتطبع بطباع الغرب غير انه لم ينسي شرقيته، لماذا جبران الذي تلتف حوله النساء كإلتفات النجوم حول القمر، لن تجد عندها إجابة وربما لعنت هي هذا الحب الذي خُلق داخلها دون إذن آلاف المرات..
هل قلتُ ربما؟
أعتذر..
محبة جبران ومي تخلق بداخلي الكثير من الأسئلة التي تؤدي إلي أسئلة ولا تصل أبداً إلي إجابة تماماً كأسئلة فلسفيه تبدأ بأعتقد وتنتهي بعلامة الي مالا نهاية او بآراء الفلاسفة التي لا تنتهي لان العقل البشري لا يتوقف إلا إذا انتهت البشرية!
في البداية هل أحب جبران مي لانها أديبة، أقصد لانها تكتب، اقصد لانها نادرة، لانها فريدة من بين جنسها، جميلة؟ ام لأنها مختلفة أختلاف لم يسبق لجبران أن رآه ام لجرأتها في نقده وجمال تعبيريها في وصف روايته؟
أم أحب جبران فكرة رسائل أدبية بينهم، يُشبع بها قلبه الملح علي الحب؟ ولكن جبران لم يكن ليحتاج فحوله ما يكفيه، هل كانت رسائلها تلهمه، غيابها يُريحه، مشاركتها لتفاصيلة يُشبع غريزة البشر المائلة لمن يهتم بها؟
أحياناً يكون الحب البعيد مزية نغفل عنها لكنه مزية بحيث أنه لا يضيق صدرنا حتي يخنقنا ولا يحتم علينا فعل أي شيء اتجاه ذلك الحب غير الحفاظ علينا لأجله ولو أنتهي الحب البعيد هذا ينتهي دون أن يؤثر في حياتنا المادية غير انه يمزقنا من الداخل، شيء فشيء، هل لهذا لم يلتقي كلا من جبران ومي؟ هل خافا من ان يقتربا حتي لا بتلاشي الحب بينهم وتظل الشعلة مضيئة؟
قد يسخر البعض من تأثير الرسائل علي بعض الناس، من الحب الذي ينشأ عبر وسائل الأتصال السريع الآن_علي الرغم من أن تلك الوسائل أفقدت رونق الحب وبساطته وشبعته بالكذب والخداع وحولته من شعور مقدس وطيف شريف إلي شعور مُدنس بأفظع الحكايات وأسوأها_ لكن؛ كان تأثير تلك الرسائل عليهما عظيم، وكأنه كل واحدٍ منهما يمتلك جزءاً منه في طرف الأرض الأخري..
مي تمثل الكثير من النساء اللاتي يخفن أن يطرق الحب قلوبهن فيقعن، فقررت ان تهرب وتهرب وتوقف رسائلها، لكن ولأن الكلمات تشرح الوجدان وما يدور بداخلنا بعكس الأفعال كان جبران قد فهم مي فأرسل لها بعد فترة من الانقطاع حتي تعود تكتب، وفعلت مي واعترفت مي، ولكن ما يدور في رأسي أكثر لماذا يخاف الرجل الشرقي أن يرفض فيتخلل حياة المرأة ويفعل كل ما فيه أحبك حتي يسمع أحبك؟، لا اعرف جواباً لهذا السؤال لكني أعرف ان مي كانت تصارع تلك المشاعر وكانت تصارع حتي تتخلص منها من داخلها اولاً.
سافرت مي لأوروبا عدة مرات ولم تلتقي بجبران هل لأنها كانت تخاف، متأكدة أنها تخيلت اللقاء ألف مرة ومتأكد أيضاً أنها لم تجرؤ عليه كما لم يجرؤ عليه جبران!
تخلل الحب بمي ووضعت روح جبران فيها ورحل جسده من الأرض لتعيش مي بعده عشر سنوات من أجحم سنوات حياتها ليرفعها مجدها واصرارها وقوتها ويسقطها الحب، يسقطها بل ويذيبها “))
مي الجميلة انتطفئت بموت جبران التي أحبته بين السطور ورحل أيضاً وهي لا تملك سوي سطور منه، سطور تبقيها تعيسة واتضح هذا عندما كتبت إلي جوار صورته بعد سنين من وافته “كانت تلك كارثتي من زمن”.
في جبران ومي يمكنك فهم كيف تلتف الروح علي الروح حتي يمتزجا وكيف ان للحروف غصة كما أن لها نشوة.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.