أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

خالد فؤاد يكتب .. مسرحية زقاق المدق .. ممنوع المقارنة

عودة قوية لزمن فن الإستعراض وعراقة مسرح الفن الجميل

خالد فؤاد يكتب .. مسرحية زقاق المدق .. ممنوع المقارنة

 

لماذا ” زقاق المدق” تحديدا ؟!!


– ماهى الأسباب التي تدفع مخرج كبير بقيمة د.عادل عبده وشاعر ومؤلف محنك بحجم محمد الصواف ومعهم كل نجوم العمل وغالبيتهم من الأسماء الكبيرة والمحترمة لوضع أنفسهم في مثل هذا الإختبار الصعب ودفع الجمهور لإجراء مقارنات ستكون قاسية بلا شك مع كتاب ومخرجين وابطال كبار رحلوا عن عالمنا نعم ولكن لازالت صورهم واسمائهم محفورة في الإذهان بتجسيدهم لنفس الشخصيات .

– مجموعة من الأسئلة ظلت تطاردنى وتلح علي بشدة وأنا متوجها لمسرح محمد عبدالوهاب بالأسكندرية لمشاهدة العرض المسرحى الجديد “زقاق المدق غير متأثرا بكل الأراء التي قيلت عنه وماكتبه نقاد آخرين ؛ ونجحت في التغلب علي ذاتى بعدم تذكر كل ماقيل من قبل صناعة والمشاركين فيه بالمؤتمر الصحفي الكبير الذى أقيم قبل العرض .

أعمال سابقة
ومما ساعدني في هذا عدم حضورى للمؤتمر وقتها.فقد طالعت تفاصيله بشكل عابر من خلال مانشر بالصحف والمواقع المختلفة.
والشئ الوحيد الذى لم أستطع التجرد فيه هو قيامى بالتأكيد علي أن الرهان بكل تأكيد لن يكون في صالح العمل عند آجراء المقارنة بينه وبين مجموعة الأفلام والمسرحيات التي تم تقديمها عن نفس الرواية فالأمر لايقتصر علي الفيلم الشهير الذى قدم في ستينات القرن الماضي لمخرج الروائع حسن الإمام والعظيمة الراحلة شادية مع كوكبة كبيرة من النجوم وقتها فحسب بينما هناك فيلم أخر ايراني حقق شهرة كبيرة وهناك كذلك فيلم عالمي تم تصويره في المكسيك عام 1995 وحمل أسم El callejón de los milagros أو Midaq Alley وكان ولايزال من أهم ادوار سلمى حايك حيث نالت عنه العديد من الجوائز .

ناهيك عن المسرحيتان الشهيرتان التي تم تقديمهما عن نفس الرواية التي تعد وبإتفاق كبار النقاد والمتابعين عبر العصور واحدة من أهم روايات اديبنا العالمي نجيب محفوظ ونشرت الطبعة الأولي منها عام 1947 ويقع الزقاق في أحد الأزقّة المتفرعة من حارة الصنادقية بمنطقة الحسين .
وتدور أحداث الرواية في هذا الزقاق الصغير في حقبة الأربعينات حيث الحرب العالمية الثانية ومدى تأثيرها على المصريين، وتعتبر بطلة القصة والمحور الأساسي لها حميدة التي تتمرد علي الزقاق وتنتهي حكايتها بين أحضان الضباط الإنجليز.

إذا الأمر ليس بالسهل بأى حال من الأحوال فنحن أمام عمل مأخوذ من رواية واحدة سبق تقديمها بطرق وأشكال مختلفة ليس مرة ولامرتان ولاحتى ثلاث بينما خمسة مرات !!!

فعلى أى شئ إذا يراهن صناع العمل الجديد ؛ وكيف سمحوا لانفسهم بالمغامرة بأسمائهم الكبيرة بهذا الشكل.

هكذا ظللت اردد بين وبين نفسى ووصل بى الأمر للتأكيد علي إننى بلا شك سأشاهد بضع دقائق منه علي الأكثر ثم الأنصراف ؛ علي الرغم مما قيل من قبل صناعة بأن العمل أستغرق ثلاثة أعوام كاملة من الإعداد واربعة أشهر من البروفات .

حكم غير منصف
هكذا فكرت وهكذا قررت لأكتشف إننى وبعد مرور النصف ساعة الأولي لرفع الستار وقبل إنتهاء الجزء الأول من العرض إنتي لم أكن منصفا في حكمي علي الإطلاق ؛ فقد فكرت بل وحكمت وقررت دون ان اتوقع أن الأمر سيكون مختلفا بشكل كامل عما دار بمخيلتي قبل الجلوس علي مقعد المشاهدة.

لاحقة وسابقة
فقد ادركت من المشاهد الأولي معنى العبارة التي قالها صاحب الرؤية الدرامية وكاتب الأشعار محمد الصواف عند توجيه نفس السؤال له من قبل أحد الصحفيين عن سر إصراره على تقديم رواية العظيم نجيب محفوظ التي سبق وقدمت في أعمال كثيرة من قبل فاكتفي بآجابة تحمل الكثير من الغموض فى جنباتها حيث قال / إنها ظروف سابقة ولاحقة محيطة بالقصة أى غير مرتبطة بزمن اوتوقيت بعينه ؟!!!

رسائل هامة
نعم لقد وجدتنى أمام عرض دسم ليس متعلقا بحميدة أبنة الزقاق التى تتمرد علي حياتها فيه وتقرر الهروب منه لتدفع الثمن غاليا فحسب بينما هناك مجموعة من الرسائل الهامه للغاية عن إنتهاك جثث الموتى وإغراء المال والاعيب الانتخابات القذرة وجميعها كما نعلم ليست مرتبطة بالعصر اوالزمن الذى دارت فيه احداث الرواية سواء في اربعينات اوخمسينات اوستينات القرن الماضي فحسب بينما ممتدة عبر العصور حتى زماننا هذا .

مخرج محنك
فقد تطرقت المسرحية للعديد من المشكلات التي يعاني منها المجتمع بحرفية مخرج مخضرم والذى كان يصعب علي غيره طرحها بنفس القدرة .
فكما سبق له الدخول في تحديات سابقة منذ ان قرر الرجوع للاعمال القديمة فامتعنا بسيرة الحب عن الموسيقار العظيم الراحل بليغ حمدى كما اسعدنا بسيد درويش والمظ وعبده الحامولي .
عاد ليضاعف من سعادتنا بزقاق المدق .
فقد نجح مع شريكه في العمل المبدع محمد الصواف في الخروج بانفسهم وبذكاء يحسدان عليه عن دائرة المقارنة فقدما عملا مسرحيا بديعا بروح سينمائية أجتمعت فيه كافة عناصر الجاذبية والتشويق والتعرض لأشياء لم يسبق طرحها في أى عمل من الأعمال الخمسة السابقة .
ولم يقتصر ذكائهما في دفع المشاهد لعدم آجراء مقارنه بين العمل والأعمال السابقة فحسب بينما نجحا وبحرفية شديدة في الخروج بكل الفنانين وأبطال العمل من دائرة المقارنة مع كل الفنانين الذين سبق لهم القيام ببطولة كل الأعمال السابقة .

دنيا عبدالعزيز
فقد شاهدنا مباراة فنية مميزة بين أبطال العرض .
فقد أعيد إكتشاف دنيا عبد العزيز في تقديم شخصية ” حميدة” أبنة الزقاق .. فقد شاهدنا فنانة استعراضية واعدة علي خلاف كل الأعمال السابقة التي شاهدناها فيها فقد بدت كالفراشة وكان واضحا كم الجهد الذى بذلته وتم بذله معها من قبل مخرج العرض لتجعل المشاهد يبتعد تماما عن دائرة مقارنتها بالفنانة الكبيرة الراحلة شادية اوأى فنانة أخرى سبقتها فى تقديم الشخصية ؛ وكانت مجموعة الإستعراضات والأغانى التي قدمتها من اروع واجمل ماتضمنه العرض ككل .

محسن محيى الدين
وبصورة مغايرة تماما لكل ادواره السابقة شاهدنا الفنان الكبير محسن محي الدين في تقديم شخصية فرج تاجر الأعراض حيث قدمها بشياكه وبشكل مغاير تماما لما شاهدنا عليه الفنان الكبير الراحل يوسف شعبان في الفيلم الشهير ؛ فقد أبدع في تقديم الدور وصال وجال محملا بحنكة وخبرة الفنانين الكبار .

نهال عنبر
وبأداء مغاير مختلف عن كل ادوارها السابقة شاهدنا الفنانة الكبيرة نهال عنبر في شخصية أم حميدة ؛ فقد قالت قبل إنطلاق العرض إنها كانت تسعي للدور وتبحث عنه قبل أن يبحث هو عنها ؛ وبالفعل قدمت الدور بطريقة مغايرة تماما للفنانة الكبيرة عقيلة راتب ولكل الفنانات الأخريات الاتى جسدنا نفس الشخصية في كل الأعمال السابقة .

أمل رزق
وقدمت النجمة امل رزق حيث جسدت شخصية “شوشو” بثبات وحنكة وأسلوب خاص فنجحت في الإبتعاد تماما عن وضعها بداخل دائرة المقارنة مع الفنانة الكبيرة الراحلة سامية جمال.

بهاء ثروت
ومن أصعب الشخصيات شخصية عباس الحلو التي حقق بها الفنان الكبير الراحل صلاح قابيل نجاحا كبيرا في الفيلم الشهير ؛ وتم إسنادها في العرض للفنان بهاء ثروت ليقدمها بطريقة السهل الممتنع فوضع بصمته وأثبت إنه نجم مسرحي من طراز جديد.

ضياء عبدالخالق
وبأسلوب مناسب للعصر قدم الفنان ضياء عبد الخالق شخصية المعلم كرشة التى سبق وقدمها الفنان الكبير الراحل محمد رضا ؛ فشاهدناه في قالب مغاير تماما لكل الأدوار السابقة التي اعتدناه فيها وليس عن شخصية المعلم في الفيلم الشهير فحسب .

مروة نصير
مفاجاة العرض كانت الفنانه مروة نصير حيث ابدعت في تجسيد شخصية حسنية زوجة جعدة حيث ظهرت بقوة وثبات لتؤكد إنها فنانة معجونة بماء المسرح وتستحق ماهو أكبر واقوى في العروض القادمة .

أحمد صادق
وبتمكن وإقتدار واداء يذكرنا بنجوم زمن الفن الجميل شاهدنا الفنان احمد صادق في شخصية الحاج كامل بائع البسبوسة فقدمها بطريقة مغايرة تماما للفنان الكبير الراحل عبدالوارث عسر .

مراد فكرى
وشهد العرض إعادة إكتشاف الفنان الشاب مراد فكري حيث قدم دور زيطه الذى يعيش في حالة سكر دائم بشكل كوميدي فقد نجح فى إنتزاع الضحكات من الجماهير بشكل بسيط ودون تكلف في أداء الشخصية .

كريم الحسيني
وآخر الفنانين الذين يمكننا الحديث عنهم هو الفنان الشاب كريم الحسيني الذى جسد شخصية “حسين” خفيف الظل اللطيف الذي يتمرد علي الزقاق ويعيش بلا مبادئ فليس لديه مشكلة في التعامل مع الإنجليز اوبيع المخدرات ورغم هذا لاتستطيع أن تكرهه وتظل مستمتعا بما يفعل وظهر كريم الحسيني في العرض ليس كممثل فقط بينما كمطرب وراقص ايضا لنتوقع له مستقبل كبير في السنوات القادمة .

عربي أبوسنة
وكلمة حق في النهاية للزميل الإعلامي عربي أبوسنة مدير المركز الاعلامي للبيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية ومدير مسرح محمد عبدالوهاب بالإسكندرية حيث نجح بإقتدار ليس في إعادة الهيبة للمسرح العريق فحسب بينما فى طريقة تعاملة وإستقباله لكل الصحفيين الذين توجهوا لتغطية العرض.

 

 

قد يعجبك ايضآ

التعليقات مغلقة.