خَابَ وخَسِر رمضان شهر الغفران

 خَابَ وخَسِر رمضان شهر الغفران

بقلم هـــبه رمـــضــان

الحمدُ للهِ ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ ، أمَّا بعدُ : كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَدُلُّ أُمَّتَه على جَوامِعِ الخيرِ وأبوابِه، ويُرغِّبُهم فيما يُقرِّبُهم مِن الجنَّةِ ويُباعِدُهم عن النَّارِ ؛ ومن ذلك الخير صيام شهر رمضان وقيامه

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ }. [ أخرجه الترمذي (3545) وَقَالَ ( حَدِيثٌ حَسَنٌ ) ؛ وصححه الألباني في صحيح الترمذي (3545) ]

قوله ( رَغِم أنفُ رَجُلٍ دخَل عليه رمَضانُ، ثمَّ انسَلَخ قبلَ أن يُغفَرَ له ) ، أي : خاب وخَسِر وذَلَّ وعَجَز ولَصِق أنفُه بالتُّرابِ كلُّ مَن أدرَك شَهرَ رمَضانَ ، فكَسِلَ عن العِبادةِ ولم يَجتَهِدْ ويُشمِّرْ حتَّى انتَهى الشَّهرُ فلم يعظمه بالمبالغة في الطاعة حتى يَظفَرْ ببرَكةِ الشَّهرِ الكريمِ ويُغفَرْ له

قال المباركفوري في التحفة ؛ وهذا إخبار من الذي لا ينطق عن الهوى ﷺ بحدوث ذلك ؛ أو دعاء منه ﷺ على من خرج من رمضان ولم يغفر له .. [ تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي ]

وعن مالك بن الحويرث قال : صعد رسولُ اللهِ ﷺ المنبرَ فلمَّا رقِي عَتبةً قال: { آمينَ } ثمَّ رقي عتبةً أخرى فقال: { آمينَ } ، ثمَّ رقي عتبةً ثالثةً فقال: { آمينَ } ، ثمَّ قال : أتاني جبريلُ فقال : يا محمَّدُ مَن أدرَك رمضانَ فلم يُغفَرْ له فأبعَده اللهُ ؛ قُلْتُ : آمينَ } .[ أخرجه ابن في صحيحه (409) ؛ وصححه شعيب الأرناؤوط في تخريج صحيح ابن حبان (409) ؛ وصححه لغيره الألباني في صحيح الترغيب (996) ]

قوله ( أبعده الله ) ؛ أي طرده عن رحمته ؛ فأدى به إلى الهلاك والبعد عن الجنة

وقوله ( مَن أدرَك رمضانَ فلم يُغفَرْ له ) ؛ وسبب ذلك أن هذا الشخص قد أتيحت له أسباب كثيرة تؤدي إلى مغفرة الذنوب بهذا الشهر العظيم وهي ، صيام رمضان ، وقيام رمضان ، وقيام ليلة القدر ، والدعاء والتوبة في هذا الشهر الفاضل ، وكل هذه أسباب لمغفرة الذنوب كما بينتها أحاديث النبي ، ولكنه قصر بكل هذه الفرص ولم يستغلها ففاتته مغفرة الله تعالى

والحديث الشريف فيه دعاء من جبريل عليه السلام ويؤَمِّن النبي صلى الله عليه وسلم على دعاء جبريل ؛ وبذلك يكون الدعاء مجاباً عند الله تعالى ؛ لأنه دعاء النبي وجبريل ، وقد دعا النبي على من أدرك رمضان ولم يغفر له .. وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ وصَلِّ اللهم وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين.