أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

“رجل الثلج” يحمل آمال كندا في كأس العالم

“رجل الثلج” يحمل آمال كندا في كأس العالم

كتبت: عليا عطيه

 

التواضع و المثابرة هي الوصفة السحرية خلف نجاح جوناثان ديفيد، مهاجم فريق ليل الفرنسي القادم من أوتاوا الكندية و الذي جذب اهتمام أكبر الأندية الأوروبية و أحيا آمال كل كندي شاب على أعتاب بطولة كأس العالم 2022 لكرة القدم في قطر.

في المدرسة القديمة الكائنة في العاصمة الكندية حيث تلقى دروسه، يعرف الجميع بالفعل الشخص الذي نجح في الذهاب إلى أوروبا و اللعب مع أحد أنديتها.

“جوناثان موجود إذا كنت تريد التحدث إليه”، يقولها بروح الدعابة مرشده أثناء الدراسة، جوي فورنييه، و هو يشير إلى مجسّم بالحجم الطبيعي للمهاجم الكندي جرى وضعه في صالة الاستقبال.

و تحت القبة الكبيرة التي تضم ملعب التدريب و زُوّدت بنظام تدفئة لمواجهة الأجواء الباردة عادةً في كندا، يمكن رؤية جوناثان ديفيد في كل مكان، على الجدران و هو مرتدياً قميص المنتخب، و خصوصاً على شفاه الطلاب.

يقول الطالب نايثن أكويلينا (15 عاماً): إنه لأمر ملهم معرفة أنه لعب هنا. هو واقع يعطي الأمل.

و لد جوناثان في بروكلين الأميركية لأبوين من هايتي حيث قضى السنوات الأولى من عمره، و قال في حديث لوكالة “فرانس برس” إن لديه ذكريات قليلة جداً عن تلك الفترة: أتذكر المنزل و أنني بدأت بممارسة كرة القدم هناك. كان لدي أصدقاء في الجوار و كنا نلعب دائماً معاً، في الحديقة أو في الشارع.

تتذكر شقيقته الكبرى كريسي ضاحكة: كان الأصغر. كان من المضحك مشاهدته وهو يلعب.

بعد بضع سنوات من انتقاله إلى أوتاوا، كان جوناثان أيضاً أصغر من زملائه في الفريق، عندما انضم إلى برنامج دراسي رياضي متخصّص في كرة القدم في لويس رييل.

يقول مدير البرنامج، جوي فورنييه: هذا لم يزعجه أبداً. صحيح أنه كانت لديه طبيعة خجولة إلى حد ما، لكن جوني، كما نسميه هنا، كشف عن شخصيته الحقيقية على أرض الملعب.

و يضيف مبتسماً: كان يريد دائماً الحصول على الكرة و ممارسة اللعبة على الدوام حين يحين موعد وجبة الغداء. توجب عليّ مراراً أن أجبره على العودة إلى الفصل.

يقول اللاعب البالغ “22 عاماً” و الذي تلهث خلفه حالياً أكبر الأندية الأوروبية: أن أصبح لاعب كرة قدم؟ كان هذا هدفي، مضيفاً أنه خلال سنواته الأولى في المنتخب الكندي أدرك أن الأمر كان ممكناً من البداية.

يرى هاني المغربي الذي أشرف على تدريبه لفترة طويلة جداً أن جوناثان لا يدين بلقب رجل الثلج إلى الشتاء الكندي القاسي بل إلى شخصيته المتواضعة والتنافسية.

و يتذكر و هو محاط بعدد من شباب الحي الذين يواصل تدريبهم: “كان ديفيد لاعباً مرتاحاً جداً مع الكرة و هادئاً. كانت كرة قدم في قلبه”.

لسنوات، بقي المغربي مرافقاً لجوناثان الذي تنقل من نادٍ إلى آخر، و حرص على إيصاله إلى التدريب عندما لم يتمكن والداه من ذلك. معاً، تشاركا الشغف نفسه بكرة القدم و الحلم باللعب في أوروبا و الذي مثّل “الهدف النهائي”. هذا ما يرويه بتواضع الشخص الذي يدين له ديفيد بكل شيء.

و بناءً على نصيحته، رفض اللاعب عروضاً عدة من أندية محلية عندما كان شاباً، و يتذكر الوكيل نيك مافروماراس أن مونتريال وتورنتو و خصوصاً فانكوفر كانت مهتمة، لكن طموح جوناثان بقي أوروبا.

و على الرغم من تجربتين غير مثمرتين في ناديي سالزبورغ النمسوي و شتوتغارت الألماني، حافظ على ثقته في نفسه، كما يضيف الوكيل الذي رأى إيجابياً في تلك الفترة بقاء اللاعب ضمن إطار شبه احترافي في كندا.

يوضح المغربي الذي تابعه ابتداءً من سن المراهقة: منذ سن الـ16، لعب الى جانب رجال يبلغون من العمر 25 سنة، الأمر الذي سمح له بتطوير نفسه على المستوى البدني.

يقع المنزل حيث ترعرع اللاعب على بعد 15 دقيقة بالسيارة من ملعب التدريب.

قضى جوناثان، الذي يحمل القميص رقم 9، معظم أوقات فراغه مع صديق طفولته، باناياه تيسفاي، في منطقة سكنية تقع في إحدى الضواحي.

يقول تسفاي (22 عاماً): اعتدنا ركوب الدراجة على هذا الطريق قبل الذهاب لممارسة السباحة أو كرة السلة أو كرة المضرب، و يضيف: من يجهله، يعتقد بأنه شخصية مخيفة للغاية، بيد أنه شخص لامع يعشق الضحك و الاستمتاع.

عندما يزور أوتاوا، ينتهز اللاعب الكندي الدولي الفرصة لتقديم يد المساعدة لأكاديمية كرة القدم التي يمتلكها مدربه السابق و حيث ينتظره شباب الحي كل عام.

يقول المغربي: يمثل الأمل بالنسبة إلى الكنديين الشباب الذين يمارسون كرة القدم، و يضيف: سيكون لديهم أمل فقط إذا عرفوا ما الذي جعل جوناثان ديفيد ناجحاً، أي عقليته وتواضعه ومزاجه.

من جهته، يؤكد اللاعب الشاب الذي يضع في اعتباره أيضاً أن فكرة المتعة مهمة للغاية: النجاح واقع متكامل، هناك موهبة و عمل، وهناك أيضاً حظ. صحيح أن كرة القدم باتت مهنتنا إلا أنه علينا أن لا ننسى السبب الذي من أجله بدأنا ممارستها، و السبب هو أنها كانت تمثل الشغف، يقول جوناثان الذي بدأ المشوار في شوارع هايتي لينتهي به المطاف في قطر حيث سيرتدي بفخر كبير ألوان منتخب البلد الذي تبناه.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.