أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

قراءة في رواية لقيطة استانبول (إليف شافاق)

بقلم/أسماء عيسوي

قراءة في رواية لقيطة استانبول….

للكاتبة إليف شافاق ترجمة خالد الجبيلي

بقلم/أسماء عيسوي

تَعُد هذه الرواية هي الرواية الأولى التي أقرؤها للكاتبة إليف شافاق

وحقيقة الأمر دُهشت لبراعة الكاتبة في حديثها عن المجتمع التركي والمتمثل في شخصيات العائلة التركية عائلة قازانجي ,

وعادات وطبيعة الأرمن من خلال العائلة الأرمنية عائلة تشكمكجيان.

تسرد الرواية أسباب العداء بين الأرمن والأتراك بدءًا من مذابح أضنة عام 1909

وعمليات الترحيل في عام 1915م وكيف تم القضاء على أغلبيتهم وتهجير المتبقي منهم .

زمن الرواية: جاءت أحداث الرواية في عام 2005م

أما عن السرد فلا أُخفيكم سرًا لقد كان رتيبًا للغاية لدرجة تشعرك بالخمول وكان هناك إطالة مبالغة في سرد الأحداث

حتى أني ظننته مُتعمدًا من جانب الكاتبة كنوع من الإسقاط على طبيعة الحياة التركية

وكأنها تريد أن تقول لنا أن الحياة في تركية رتيبة كرتابة هذا السرد.

ولا أُنكر أن لغة الحوار جاءت سلسةً من الكاتبة مستخدمة اللغة الفصحى ممزوجة في بعض الأحيان بالدارجة التركية

مما أضفى عليها اليسر واللين في تناولها رغم طول الأحداث.

الشخصيات: من اللافت للإنتباه عند قراءتك للرواية أن الشخصيات جاءت معبرة تماما عن الواقع

فتقرأ وكأنك ترى هذه الشخصيات بأم عينيك وتتفاعل معها وتضحك على مواقفها وتئن وجعا لمعاناتها,

كعائلة قازانجي تلك العائلة الغريبة الأطوار والمتضاربة الأفكار والمختلفة عقائديًا والتعيسة الحظ

حيث الرجال في عائلة قازانجي يموتون في عمر الشباب تتعاطف مع زليخة أم آسيا وتلعن مصطفى الأبن الوحيد للعائلة

الذي تركها منذ الصغر هروبًا من المصير المحتوم لذكور عائلته ليعود في نهاية المطاف ليلقى مصيره على يد أخته الكبرى.

لقد أبدعت الكاتبة في تصميمها لشكل هذه العائلة حتى خُيل لي أن هذه العائلة إنما هي دولة تركيا

وأفراد عائلتها ماهو إلا الشعب التركي المتضارب الأفكار والمختلف عقائديًا فهو لاينتمي إلى تيار ديني واحد

أو تيار فكري صريح إنما هو خليط من اللا دين والإسلاميين والمسيحيين واليهوديين

بين المتحرر المنفلت والملتزم المتدين تلك العائلة التي لايحكمها رجل لقلة الرجال بالعائلة

وحتى أبنها الوحيد نكتشف في نهاية القصة أنه من أعتدى على أخته الصغرى وسلبها شرفها

وكانت النتيجة لقيطة استانبول الأبنه غير الشرعية فكان جزاؤه أن يلقى نفس مصير رجال عائلته وهو الموت المبكر.

أيضا من إبداع الكاتبة وصفها الدقيق لمقهى كونديرا ورواده,

( الصحفي الشاذ ورسام الكاريكتير المدمن وزوجته وكاتب السيناريو غيرالوطني وصديقته

والشاعر المعتوه وآسيا لقيطة استانبول وأحد أفراد عائلة قازانجي التركية)

هذا المقهى بوصف صور اللوحات المعلقة على جدرانه ونوعية رواده وإنفعالاتهم

ماهو إلا إسقاط على روح مدينة استانبول كأنه صورة مصغرة من المدينة التي يُعاني الناس فيها

من التنافر الهزلي والخمول السُباتي إلا أنهم يجدون بها السلام الداخلي .

 

لننتقل إلى الحبكة التي كانت رائعة جدا حيث الدهشة والتشويق والإثارة فقد تجلى إبداع الكاتبة في نهاية الأمر

بالربط بين هاتين العائلتين برباط أسري واحد من خلال الجدة شوشان

التي هي شيرمين زوجة رضا سليم قازانجي وأم ليفنت قازانجي وهو الأب في العائلة التركية.

 

أقتباس:

الخيال سحر آسر خطير للذين يُرغمون على أن يكونوا واقعيين في الحياة,

وقد تكون الكلمات سامّة للذين كتب عليهم أن يلوذوا بالصمت دائمًا.

 

يقول رسام الكاريكتير : إن الضجر خلاصة حياتنا إذ أننا نتمرغ في الملل يومًا بعد يوم. لماذا؟

لأننا لانستطيع أن نهجر جحر الأرنب هذا خوفا من أن نصطدم بثقافتنا على نحو مؤلم

فالسياسيون الغربيون يفترضون أنه توجد فجوة ثقافية بين الحضارة الشرقية والحضارة الغربية .

أرجو أن يكون الأمر بهذه البساطة! لكن الفجوة الحضارية الحقيقية تكمن بين الأتراك والأتراك أنفسهم

إذ أننا مجموعة من الحضريين المثقفين المحاطين بسكان الجبال والريفيين الساذجين من جميع الجهات

الذين أحتلوا المدينة بأسرها لقد علقنا بين الشرق والغرب بين الماضي والمستقبل فمن ناحية

تجد أن العلمانيين العصريين يفتخرون بالنظام الذي أقاموه ولا تستطيع أن تنتقدهم بكلمة واحدة ؛

لأن الجيش ونصف الدولة يقف إلى جانبهم ومن الناحية الأخرى , هناك التقليديون

المتمسكون بالتقاليد المفتونين بالماضي العثماني ولا يمكنك أن تنتقدهم بكلمة واحدة ؛

لأن عامة الناس والنصف الآخر من الدولة يقفون إلى جانبهم فماذا تبقى لنا؟!

بالأخير الرواية رائعة حقا أنصح بقراءتها ومتابعة أعمال الكاتبة.

قد يعجبك ايضآ

التعليقات مغلقة.