أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

كيف نطبق التفكير العلمي في مجالات حياتنا؟

كيف نطبق التفكير العلمي في مجالات حياتنا؟

بقلم داليا السيد

في القرآن الكريم:

لنا في آيات الله سبحانه وتعالى دوما الأساس والفكر والعمل، يقول الله سبحانه وتعالى: “أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُۥ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍۢ وَأَعْنَابٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ لَهُۥ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَٰتِ وَأَصَابَهُ ٱلْكِبَرُ وَلَهُۥ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَآءُ فَأَصَابَهَآ إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَٱحْتَرَقَتْ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلْءَايَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ.” سورة البقرة266

إذا نظرنا إلى هذه الآية الكريمة، سنجد أن فيها عدد من الصور العلمية التي تتم بدقة بطريقة معينة. وإذا نظرنا إلى ختام الآية الكريمة، سنجد أنها تدعو للتفكر والتفكير.

فالصور العلمية تتمثل في الجنة أو الأرض المثمرة بالنخيل والعنب، ومصدر ماء الري تحتها من أنهار، ثم حالة للنفس والقلب والخُلُق تتمثل في الكِبَر، ثم ربط ذلك مع وجود ذرية ضعيفة جسديا ونفسيا في تركيبة تشير إلى عدم الإعتناء بالأرض والرزق، بعدها حالة أو كارثة مناخية تتمثل في إعصار فيه نار له أثر الإحتراق بكل تفاعلاته. 

والتفكر والتفكير يتمثل في وجود تتابع معين في كلمات الآية الكريمة يساعد على فهم التسلسل المنطقي للأحداث، مع وجود مدخلات عبارة عن أشخاص بطبيعة معينة وطريقة عمل محددة بالإضافة إلى الحالة المناخية، والتي تتداخل جميعها لتكون سبب في دمار وإحتراق هذه الجنة الزراعية فتكون نتيجة أو مخرجات كلية من مجموع الأحداث… فسبحان الله الذي عَلَّمَ الإنسان ما لم يعلم.

في الأبحاث المعاصرة:

تشير الأبحاث العلمية على أن التفكير العلمي عبارة عن التفكير في محتوى العلم في الشيء أو الموقف أو الكائن محل الموضوع؛ مم يتكون هذا الشيء؟ وما هي طبيعته وعلاقاته مع الأشياء الأخرى؟ وما هو أثره؟. ويمكن أن تشمل هذه المنهجية العلمية في التفكير: طرح أسئلة أو وضع فرضيات، ومعرفة الأسباب، والتحقق من صحة المعلومة، ووضع أهداف لتصرف معين، وتحديد التسلسل المنطقي للأحداث.

بمعنى آخر، معرفة تحت أي فرع علمي يقع هذا الموقف أو الشيء، والتفكير بناءا على ذلك؛ مع إعتبار إمكانية وجود تراكم معرفي لدى كل فرد بمعلومات من مجالات متعددة. فقد يكون محتوى هذا الموقف مكونات كيميائية كالغذاء ومكوناته الصحية، أو قد يكون محتوى تاريخي كتوارث إجراءات وطرق زراعية معينة من عصر معين، أو قد يحتوي مكونات لغوية كطريقة الكلام أو نطق الحروف، أو قد يحتوي على ظواهر فيزيائية كأحوال الطقس وما يتعلق به متطلبات، أو قد يحتوي مكونات هندسية كالهاتف الجوال والكمبيوتر أو عمليات الإنتاج، وهكذا.

ويأتي هذا المحتوى العلمي مع مجموعة من العمليات المنطقية (المتسلسلة بترتيب حدوثها الذي تتصوره) للتعامل مع هذا الأمر، مثل: أن يقوم الشخص صاحب التفكير في طرح أسئلة أو وضع فرضيات؛ ما يتطلب البحث عن إجابة عن هذه الأسئلة بالقراءة أو التفكير الصحيح أو التجربة العملية، أو في إختبار الفرضية عما إذا كانت صحيحة كليا أو جزئيا أو خاطئة.

إضافة إلى معرفة أسباب حدوث هذا الأمر من خلال الأدلة الملموسة كالكلمة أو الفعل أو الدليل المادي؛ من خلال صح سؤال: لماذا؟. وذلك يكون مع التحقق من صحة المعلومة المتحصل عليها من المصادر الموثوقة أو التجارب المستقيمة التي تحدد جيدا الفرق بين الصواب والخطأ.

يأتي ذلك بالطبع مع تحديد هدف أو أهداف، كأن نقول: ماذا نريد أن نصل إليه؟ أو ما هو النشاط أو الأنشطة التي يجب أن نقوم بها لنحصل على النتيجة التي نرغبها، مثل حل مشكلة، أو تلبية حاجة، أو تصحيح شيء غير مرغوب…

ويمكن أن يعطينا ذلك كله مخرجات في صورة تكوين المفاهيم، بمعنى أن نجد لدينا قاعدة في الحياة تنطبق على ظروف محددة دون غيرها؛ مع إعتبار القابلية المرنة للتغيير بإختلاف الأحوال تبعا لما يرضي الله سبحانه وتعالى.

في مجالات الحياة:

لذلك فـ التفكير العلمي لا يقتصر على البحث العلمي أو الفيزياء والكيمياء والأحياء فقط، بل يمكن إستخدامه في شتى مجالات الحياة حولنا بإذن الله تعالى، والآية الكريمة خير دليل.

في المنزل:
فمثلا في المنزل، إذا كانت هناك مشكلة بين أفراد المنزل الواحد، من المهم البحث عن أسبابها الحقيقة دون الإندفاع إلى إتخاذ قرار يمكن أن يهدم لا قدر الله، لأنه من خلال معرفة طبيعة الأفراد وحاجاتهم يمكن معرفة سبب تصرف أو صترفات معينة، وبالتالي التوجه لحلها دون غيرها بالحسنى.

في العمل:
وفي العمل، إذا كانت هناك حاجة للتطوير، يكون من المهم تحديد جانب التطوير المطلوب بدقة، وطرح أسئلة مثل: أي جزئية تستهدف تطويرها؟ وأي تخصص مطلوب؟ أو فرضية مثل: سبب إنخفاض المبيعات لأن جودة الخدمة تحتاج تحسين.

في الدراسة:
وفي الدراسة، يمكن أن يكون هناك حاجة لزيادة مستوى الإستيعاب أو زيادة الإنضباط والمتابعة في الدروس، وهذا يتطلب معرفة التسلسل المنطفي للخطوات اللازمة لتحقيق أي من هذين الهدفين، ويمكن إضافة مهارة شخصية بالتدريب مع وجود الإرادة والوضوح.

في البيئة المحيطة:

وفي البيئة المحيطة، قد تكون الحاجة للبت ما إذا كان عليك قبول أو رفض موقف أو ظاهرة ما، وأي رد فعل يمكنك تبنيه تبعا لقدرتك ورغبتك، لذلك تحتاج في البداية إلى توصيف الموقف المطلوب، ثم تحديد ماذا تريد في حياتك، وما هو الوضع المستقيم في هذا الموقف، وكيف تتخذ رد الفعل لكي توفق بين ما تريد وما ينبغي فعله ليرضي رب العالمين.

وفي كل شيء يكون الأساس هو الإستعانة بالله سبحانه وتعالى والتوكل عليه… اللهم عليك توكلنا.

قد يعجبك ايضآ

التعليقات مغلقة.