محمد أكسم يكتب: الصحافة قديماً وحديثاً وفى زمن الذكاء الاصطناعى

محمد أكسم يكتب: الصحافة قديماً وحديثاً وفى زمن الذكاء الاصطناعى

 

تعد مهنة الصحافة من المهن العظيمة المميزة ذات الطابع الفريد فهي تحمل رسالة سامية هدفها واضح ونبيل و تتسم بقدر كبير من الأمانة والنزاهة والمصداقية فهي حرفة قديمة ولها جذور تقوم على جمع الأخبار بكل شفافية واحترافية ونزاهة ومهنية والتحقق من مصدقياتها ثم تقوم بتحليلها ثم تقديمها للجمهور بكل شفافية وعدم انحياز.

غالبا ما تكون هذه الأخبار ذات علاقة بما استجد من الأحداث سواء على الساحة الدولية أو المحلية وعلى كافة المستويات:

 “السياسية- الاقتصادية – الثقافية – الرياضية – الاجتماعية” و غيرها من الموضوعات التي تشغل بال القارئ والرأي العام ,أو عبارة عن مقالات صحفية أو أدبية  تشرح واقع معين بصورة أدبية.

الدولة البابلية

فمهنة الصحافة مهنة قديمة يرجع تاريخها إلى زمن الدولة البابلية، حيث كانوا قد استخدموا كاتبا لتسجيل أهم ما استجد من الأحداث اليومية لتتعرف الناس عليها وعندما أصبحت تلك الأخبار تطبع وتنشر بصفة دورية وكان ذلك في بدايات القرن السادس عشر، وفي القرن السابع عشر و الثامن عشر.

 أخذت الصحافة الدورية بالانتشار في أوربا و أمريكا و أصبح هناك من يمتهن الصحافة كمهنة يرتزق منها وقد كانت الثورة الفرنسية حافزا لظهور الصحافة، كما كانت لندن مهداً لذلك.

الدولة المصرية

كانت مصر أقدم الدول في العالم تعتني بكتابة أخبار الحروب  وذلك عن طريق كتابة التقارير العسكرية، في زمن احتاج فيه العالم لآلاف الأعوام لظهور الصحف والمجلات.

و يقول رمزي ميخائيل ، في كتابه “تطور الخبر في الصحافة المصرية” الصادر عن الهيئة العامة للكتاب عام 1985م، إن أقدم صحيفة عسكرية في مصر والعالم نُقشت على الحجر من وجهين، كما جرى توزيعها على قادة الجيش شهريا وبلغ مجموع نسخها مائة نسخة وتضمنت أنباء المعارك وذكريات القادة.

 وكذلك أعمال الجنود، كما يتم الاعتقاد أن وونى قائد الجيش في عصر بيبي الأول كان من أوائل المحررين العسكريين، حيث سجل وقائع المعارك التي خاضها.

أما الملك تحتمس الثالث، أعظم القادة العسكريين في التاريخ فقد كان يصطحب معه كُتابًا لتدوين أخبار الحروب، بل كان عنده عناية فائقة وعظيمة ورعاية كبيرة للإعلام.

 وقد كان يدون بيده أهم الأحداث على الجلد، بل عرف كيف يستخدم الأخبار الكاذبة  أثناء حصار مدينة مجدو في فلسطين، وكان استخدامه لهذه الوسيلة هي بمثابة حيلة تؤدى لحرب نفسية وخداع استراتيجي في فتح يافا.

كما يوضح أن المصريين لم يكتفوا بنشر وقائع الحرب فحسب، بل نشر القوانين وردع المجرمين على الألواح في المعابد.

 كما عثر على الكثير من البرديات التي تسرد الكثير من الوقائع في القصور، وتدلنا بردية من عصر تحتمس الثالث على وجود صحيفة رسمية، كما تظهر البرديات على وجود صحف رأي ومعارضة في عصر رمسيس الثالث في سياق متصل.

الرأي العام وتكوينه

بلاشك أن الصحافة أقدر من غيرها على التأثير في الناس وقناعتهم من الإذاعة ومن الخطابة، بل هي أخطر منها في الوصول إلى هذه الغاية ,والسبب هنا يرجع إلى أن الصحيفة تستطيع بخلاف الخطب والإذاعة أن تدعو إلى فكرة من الأفكار،

أو رأي من الآراء، وأن تكرر هذه الدعوة يوماً بعد يوم بصور مختلفة.

 كما إنها بهذا التكرار أشبه شيء بقطرات الماء التي تسقط تباعاً وباستمرار على صخرة قوية، ولابد لها يوماً أن تخرق هذه الصخرة، وقد تصل إلى تحطيمها وتهشيمها في نهاية الأمر,غير أنه من الخطأ مع هذا وذاك أن نعتقد أن الصحافة تصنع الرأي العام بكل ما في هذه الكلمة من معنى. 

فإن الأولى من ذلك أن يقال إن الصحافة تأخذ من هذا الرأي وتعطي، وتؤثر فيه وتتأثر به، تقود الشعب وتنقاد له، توجه الحكومات وتتلقى توجيهاتها وهكذا.

ومن ثم نجد الفرق واسعاً بين الرأي العام في أمة متعلمة ناهضة واعية، والرأي العام في أمة جاهلة نائمة متغافلة.

الأولى تستطيع الاستفادة من الصحافة، تؤثر فيها وتتأثر بها والثانية عاجزة عن الانتفاع بالصحافة، ولا دخل لها تقريباً في تكوين الرأي العام الذي تعنى به الصحف.

وفي هذا المعنى يقول الأستاذ “توماس جيفرسون” عبارته المشهورة”:

“إنني لا أستطيع الاعتقاد بأن الصحافة قد بلغت غايتها إلا إذا أصبح كل إنسان يعرف القراءة والكتابة ويعرف كيف يقرأ الصحيفة”.

الأمانة الصحفية

 أن الأمانة الصحفية تحتم على الصحف أن تتوخى الدقة في رواية الأخبار داخلية كانت أم خارجية كما تحتم عليها كذلك ألا تنظر إلى الربح  المادي وحده، بأن تعرض الأخبار على الجمهور عرضاً ينطوي على سوء القصد قبل كل شيء، أو بأن تحرف الأخبار تحريفاً يبعدها عن الحقيقة كل البعد.

مسؤولية الصحافة

ذلك أن الصحافة مسؤولة عن توجيه الأمة، مسؤولة عن تكوين الرأي العام الناضج فيها، وهذه المسؤولية في الأمم الضعيفة أو الجاهلة أو المتأخرة أثقل منها بكثير في الأمم القوية المتعلمة المناهضة.

النهضات الوطنية

“قامت الصحافة بدور كبير في النهضات الوطنية التي شهدها الشرق والغرب، وقد عرفت لها الشعوب المختلفة هذا الفضل فجعلت في مقدمة أنظمتها الدستورية أن تكون الصحافة حرة لتستطيع تأدية واجبها الأخلاقي والوطني العظيم الذي أنشئت من أجله.

 صحافة اليوم

تواجه الصحافة والصحفيون أيضا تحديات ومشكلات كبيرة في ظل الإعلام الجديد والذكاء الاصطناعي, لذلك من الضروري جداً أن يتعاون الصحفيون والمؤسسات الإعلامية معًا من أجل مواجهة هذه التحديات والمشكلات وضمان استمرار مهنة الصحافة في أداء دورها الحيوي فينشر الوعي داخل المجتمع.

فقد شهدت مهنة الصحافة تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث فرضت التكنولوجيا الرقمية وما يسمي بالإعلام الجديد والذكاء الاصطناعي نفسها كقوة مؤثرة في صناعة الإعلام.

 وقد أدى هذا التطور الكبير والسريع إلى ظهور تحديات ومشكلات جديدة أمام الصحفيين

 من بينها:

زيادة المنافسة من خلال وجود العديد من المنصات الإعلامية الجديدة  مثل وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية التي أصبحت تنافس الصحف التقليدية,حيث أصبحت نسبة من الجمهور أكثر انتقائية في اختيار المحتوى الذي يستهلكه، كما أصبح أكثر تفاعلًا مع المحتوى الإعلامي.

وقد  يؤدي تغير سلوك الجمهور إلى انخفاض الإيرادات الإعلانية للصحف، مما يؤثر على قدرتها على البقاء والاستمرار,كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي إلى استبدال بعض المهام الصحفية، مثل كتابة الأخبار والتحليلات والترجمة.

ينبغي على الصحفيين أن يطوروا مهارات جديدة وأن يواكبوا التطورات التكنولوجية.كما يجب على المؤسسات الإعلامية أن توفر الدعم اللازم للصحفيين، مثل التدريب والتطوير والحماية الأمنية وذلك لمواجهة كافة التحديات والمشكلات.

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.