أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

نجلاء فتح الله تكتب : نون والقلم .. ” من فات قديمه تاه”

 

فوتكم بعافية ، الله يعافيكم .. نهارك سعيد ،سعيدة مبارك . شفيتم ، عفيتم ..بالهنا والشفا ، الله يهنيك ..بعض من الكلمات

الجميلة التى زينت لسان المصريين عقودًا طويلة في عصر الأهل والأجداد والتى تحمل في طياتها معانى جميلة وأمنيات

راقية متبادلة بين قائليها ومردديها ..اختفت تلك المفردات من علي ألسنتنا لنصحو فجأة علي كابوس من الألفاظ تندرج تحت

قاموس الشتائم لكنها أصبحت لغة دارجة علي السنة المراهقين والشباب بل وحتى الكبار بعد ان أصبحت عدوى انتقل اثارها

للجميع خلال حوارات الدراما التى يشاهدها كل الأعمار علي شاشات التليفزيون

تخلي المصريون عن عاداتهم الجميلة ومفرداتهم وموروثاتهم – بل- ولن ابالغ عندما أقول انسحقوا تحت عجلات التكنولوجيا

والعولمة
والتماهى مع ثقافات وعادات لم تنجح في السيطرة علينا وقت الاحتلال المتنوع التى عاصرته مصر علي مر العصور
ونجحت فقط بالإنترنت والسينما
وحتى بالهجرة الي الخليج والتى بدأت مع ثورة البترول في السبعينات ..
فاختفت كلمة نهارك سعيد وتحولت الي سلام عليكم أو hi ،
واستبدلنا كلمة “اتفقنا “ب “okay ” ،
رغم جمال معنى الكلمة الأولي

التى تحمل في طياتها التوحد والتعاون والقوة
اختفت لمة الأسرة الأسبوعية في بيت “”كبير العائلة”
ولم يصبح للعائلة كبير
ولم يعد أي أحد يرغب في أن يكون له “كبير ‘ بكل ما تحمله المعانى …

اختفى “ضمير نحن ” وأصبحت “الأنا ” هى المسيطرة ،
اختفي مشهد لمة الأسرة وقت العصر علي مائدة الغداء
وأصبح الأب الضيف الغائب الحاضر
وأحيانًا الأم أيضًا

فقد انسحقا في آلة السباق الطبقي لكى يتكفلا بمصاريف المدارس الباهظة
وتوفير كل سبل الراحة لأولادهم
فكانت النتيجة اطفال متوحدين أو متنمرين أو مكتئبين او شباب منتحرين ،
وأصبح كاهل المصري يثقل يوما بعد يوم

وليس بسبب الغلاء المتوحش والأزمات الاقتصادية فقط وهى التى عانى منها المصريون طويلا علي مر العصور ..
ولكن أيضًا بسبب اختفاء مثل شعبي وحكيم كان من موروثاتنا الجميلة التى سرقتها رياح التغيير وهو
” علي أد لحافك مد رجليك ”
و هو نفس معنى الآية الكريمة التى وصانا بها المولي عز وجل قي قرآنه الكريم عندما ذكر
” لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها ” .

سباق المصريين اليومي مع الزمن لا يتوقف ولا أدرى لماذا لا يدركون ان العيب فينا وليس في الزمن،
العيب في اننا أصبحنا نتماهى في كل ما هو بعيد عن عاداتنا،
وأهملنا العادات والتقاليد والموروثات تحت رغبة التمرد وشعار زائف اسمه مواكبة العصر
تحول معه معظمنا لمجرد عبيد لكل ما هو مادي وحسي
سواء مال أو آلة،

اختفت ثقافتنا الجميلة وحلت مكانها ثقافة استهلاكية معلبة قميئة
منهجها دائما الأخذ وليس العطاء ،
اختفى كل ماهو جميل ليحل محله القبح ، اختفت الحدائق العامة والأشجار لتحل محلها خراسانات.عشوائية
تحجب الشمس والاكسجين
وتحجب معها عقول راقية كانت تنظر للجانب الجمالي قبل ملايين الجنيهات التى تدرها الأبراج السكنية
وكل ذلك تم بفعل فاعل لازال يفعل ويداه مطلوقة للقضاء علي الجمال والضمير معا !!

اختفت الأم الحاضنة لأبنائها التى تتنشئهم علي معنى الأخلاق والقيم وتحمل المسئولية
وحلت ” الماميييز ” محل ” الأمهات ”
ويحل معهم اللهو والعبث والاتكالية
وأولاد بلا مسئولية وأحيانًا بلا أخلاق أيضًا ،

اختفي الأب المسئول المحتضن لزوجته وأبنائه
ليصبح شريك أساسي في لعبة المال واللهو والآلة ليتحول لمجرد ماكينة صرف آلي يلبي رغبات الأسرة المادية
ويتناسى تمامًا دوره النفسي والاجتماعي الأهم لتتحول الأم فعليًا الي أب في غيابه
وتكون النتيجة حتمية ممثلة في الخيانة أو الطلاق

والكارثة كل الكارثة ان يتحول الأب والأم معا الي عبيد للآلة الصغيرة ذات الشاشة الجذابة
التى تنقلهم لعالم آخر
ويصنع كل منهم مغامراته الإلكترونية
والنتيجة تكون انعزال تام للأسرة عن بعضهم البعض
بعدما اصبحوا جميعا عبيدا للآلة والفضاء الإلكتروني .

اختفي المدرس القدوة ، المربي والمعلم الذي كان هو قدوة ونجم مرحلة المراهقة عند طلبة ثانوي وإعدادي
ليحل محله المدرس التاجر .
الذي استبدل قلمه ب ستوب واتش عملها الوحيد العد التنازلي لنهاية حصة الدرس الخصوصي
ليلحق بحصة أخرى تلو الأخرى مستمرا في اللهاث
محاولا اللحاق بركب الحلم الطبقي الذي ينقله لأصحاب الاصفار الستة
حالمابتحسين معيشته وكل حسب رؤياه !

اختفي الفنان الذي يعي جيدا دوره وتأثيره في الملايين ممن يتماهوا مع شخصيته االفنية التى يقدمها لدرجة التقليد
وأصبح المال صاحب الكلمة العليا
والتريند هو الطريق الوحيد للتقييم وزيادة أرصدة البنوك
فأصبح كل “تافه ” نجم وتريند وتزيد ارصدتهم في البنوك مع زيادة عدد المتابعين
وتزيد معها أمراضنا المجتمعية وانحطاط الأخلاق مع ضياع كل قيمة جميلة ..

ونعود لنسأل ونسأل ونسأل
ويكون هؤلاء من تلك النماذج أول السائلين ..
.لماذا اختفت شهامة المصريين ..آين الضمير ..لماذا زاد التحرش ..
متى سيتم القضاء علي الفساد ..
لماذا زاد التنمر ..
لماذا زاد التوحد ..
لماذا زادت نسبة الانتحار والاكتئاب ..

لماذا انهار التعليم ..
لماذا انهار الفن ..
.مليون لماذا ومليون علامة استفهام
والكثير من المشاعر الوقتية إبان كل حادث يهز الباقي من مشاعرنا
ويعود كل الي. آدراجه ،
أسيرًا لآلته السحرية التى تنقله لعالم افتراضي ادمن العيش فيه
وأسيرا لحلم ملايين الأصفار التى يرغب في إضافتها لحسابه البنكي ،

لينجح الفضاء الإلكتروني فيما فشل فيه كل أنواع وألوان الاحتلال الذي مر علي مصر ،
لينسينا قديمنا ويعكر صفو حاضرنا ويثنينا عن صنع مستقبل يليق بنا وتنجح الاصفار الستة والتى أصبحت ثمانية او عشرة او حتى اثنى عشر للسيطرة من جديد
وتستمر رحلة اللهاث دون ان ينظر أحد

للمرآة ويكتفون فقط بالتدقيق الشديد في الشاشات
وينسحق كل قديم مع كل لمسة زر من آلة حديثه رغم ان
من فات قديمه تاه

نجلاء فتح الله

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.