أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

وماذا بَعد أن هرِمنَا

وماذا بَعد أن هرِمنَا

 

بقلم: وئام أحمد إمام 

وحِين نعتاد علىٰ الأحزانِ يُصبح الأمر عاديًا بل وننام بجوارِ أحزانِنا ثم ننزوِي إلىٰ الظّلِ ونجلس بصحبةِ أجمل الذكريات لأيامٍ مرت كمرورِ السحاب ثم نُطلق العَنان لخيالِنا ونتناسىٰ خيبات كَدرت صَفو أحلامنا.

 

أجل…كُسِرنا حينما رَحلتْ عنا قُلوبٌ صَادقة كانت السَكن والمَلجأ والمَلاذ لأحزانِنا فأصبحنَا نتحدثُ إليها بالدعاءِ لأنها تَحت الثرىٰ، وخُذِلنا عندما مَالتْ عنا أكتافٌ ظننا أنها جِبال راسِيات فهَوَت بِنا إلىٰ أرضٍ مُزَلزَلة، وصُدِمنا حينما أفلتتْ مِنّا أكفٌّ تخيلنا أنّها ستُمسِك بنا بقوةٍ ونحن في عينِ العاصِفة.

 

تَعلمنا الدرس سريعًا وأيقنا بأننا مراحِل وفترَات في حياةِ بعضِنا البعض وأن الأشياء الجمِيلة ليس بالضرورةِ أن تدوم وعندما نُريد البُكاء فلن تَمسح دُموعنا سِوىٰ أيدينا، بل تَعلمنا أن استكمال الرحلة بمفردِنا بعد مُفارقة الونِيس وخِذلان الصديق وجَرح الحبيب أمرٌ طبِيعي، وأن الأخلاق لا تُباع ولا تُشترىٰ وسيُكمِل مَعنا الطرِيق أبناء الأصول وأن أصعب درس كان من خسِيسِ الطِباع قليل المُروءة عدِيم الشهامة مُتقلب الوِد.

 

تَعلمنا كيف نُربي أنفسنا إذا اعوَجت وشَردت ومَالت وأنه لا بأس مِن بعضِ الكدماتِ والجرُوحِ والخدُوشِ التي بطباعِنا وعقولِنا فنحن بَشر نُصِيب ونُخطِىء ولسنَا ملائِكة.

بل تَعلمنا مبدأ ترك انفرَاجة صغِيرة لأبوابِ حياتِنا فمن شاء فليتفضل بكلِ تِرحابٍ وحُب واحترام ومن سَئِم مِنا فشُكرًا وفُرصة سعِيدة بل نفتح له الأبواب علىٰ مِصراعيها ونعطيه قليل مِن الحلوىٰ قبل مُغادرتنا لأننا أبناء أصول،

وأدركنا أن مِن علاماتِ الثقه بالنفسِ ألا نتأثر بانتقادات مَن حولنا وأن الصَمت في كثيرٍ مِن الأوقاتِ يُعتَبَر مِن أفضل اللُغات للردِ علىٰ المُحيطِين بنا فلا تُجادِل جاهلًا ولا تُناقِش مُحبِطًا وإن كثرة التدقِيق في كلِ ما يَدور بحياتِنا سيكُون سببًا في ألمِنا النفسِي.

 

وأيقنا أن تغيير أفكارنا التي هُزمنا وكُسرنا بسببها أمرٌ قد وجب علينا تطبِيقه بل وتعلمنا فُنون الدِفاع عَن أنفسِنا فليس ” صَبرًا ولا أدبًا ولا من الحكمةِ ” أن نكُون ضحِية غيرنا ونتحمل ونصمت لأنه فقط ” أكبرُ مِنا سنًا وأقل منك خُلقًا ” فقد فاضَ الكَيل ولم يُصبح للصبرِ مَكان.

 

وأجمل ما تعلمناه أن نُسامح أنفسنا ونرضىٰ بنصيبنا مِن الفرحِ والألمِ والسعادةِ والحُزن بل نكُف عَن جلدِها فيكفِي ما فعلناه بها مِن تشوهاتٍ حتىٰ كِدنا لا نعرِفها…فالدنيا تَدور والناس تَموت والقُلوب تتغير والعُقول تَتبدل ولن يَبقىٰ لنا سِوىٰ اللّٰه.

وفي غفلةٍ مِن الزمانِ يأتي لنا مِن البابِ الخلفِي للحياةِ من يَعتذِر بعد فواتِ الأوان بعدما أغلقنا الأبواب والنوافِذ بإحكامٍ وأحرقنا المُذكرات ونَسينا الحروف الأبجدية فلم نَعد نَعرف كيف نُمسك بالقلمِ ومِن أين نبدأ بالكتابةِ، وماذا بعد الخِذلان وقلةِ الأصل؟ أين كُنتم ونحن نبكِي ونتوجع مِنكم؟ فطعناتِكم غائِرة دامِية مَزقت نِياط قلوبِنا، فهرِمنا وشَابت رُؤوسنا فلا مَرحبًا بِكم ولا أهلًا فعُودوا من حَيثِ أتيتُم مِن نفسِ الطرِيقِ الوَعِر الذي أتيتمُونا مِنه.

 

فأدركنا بعد سنواتٍ عِجاف أن التَسامح يأتي بعد أن نكُون أقوِياء ونتمكن مِن استردادِ حقوقِنا مِن مُغتصِبِيها ولكِننا لم ولن نفعل ذلك بالرَّغمِ أن الوِدَ مازال بداخِلنا لأن التواضع المَحمُود مقرُون بالكرامةِ وعزةِ النفس، فلتكُن أفكارنا أكثرُ تهذيبًا ومشاعِرنا أزكىٰ طِيبًا وعبيرًا وخُلقنا أكثرُ جاذبِية فأناقتنا الداخلية أكثرُ بريقًا مِن اللُؤلُؤ والألمَاس.

وأخيرًا…
كُن باهِظ الكَرامة حلِيم النفس كرِيم الأخلاق قويًا بذاتِك ودِينك وأخلاقِك وتربيتِك وعلمِك وعملِك ولا تتحدث عَن نفسِك كثيرًا إلا إذا طُلب مِنك،
وإياك أن تحتمِي بنسبِك وعائلتِك ونفوذِك ومالِك وسلطانِك ولسانِك وقوة جسدِك فلو دامَت لغيرِك ما انتقلت إليك، فمن لاحَت له كمالُ الآخرِة هَانت عليهِ بُعد الدُنيا.
دُمتم بخيرِ وسعادة.

موقع جريدة أسرار المشاهير

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.