أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكة (7)

 

من محطة ترام فيكتوريا…..إلى مونت كارلو
إعتاد صاحبنا أن يستقل ترام الرمل الأزرق من محطة فيكتوريا إلى محطة الرمل في رحلة ممتعة بخط متوازي مع شاطئ الإسكندرية الفيروزي , كان يفضل الركوب في الطابق العلوي ليرى بانوراما من جمال العمارة , بينما تداعب وجهه نسمات من هواء البحر المنعش , تلك الرحلة التي تسافر به حيث تاريخ الإسكندرية العريقة , وبصمات تاريخ الإبداع البشري والحضاري لتلك المدينة الساحرة مدينة الإسكندر الأكبر , حيث كانت ومازالت مقصداً للعلم والفكر والثقاقة والإبداع .
ترام الرمل الأزرق له خصوصية ثقافية عجيبة , فهو ينقل طبقة راقية من طبقات المثقفين وأصحاب الياقات البيضاء والأجانب والخواجات , كثيراً ما كان صاحبنا يستمع إلى حوارات بلغات مختلفة , بالطبع منها اللغة الفرنسية , بل كان يشم مجاناً عطوراً فرنسية الصنع في رحلاته المتعددة بين الذهاب والإياب .
يُعتبر ترام الإسكندرية من أوائل وسائل المواصلات الجماعية في العالم وهو الأول في قارة إفريقيا بلا منازع , بدأ تشغيله عام 1860 بعد إن منحت الحكومة المصرية التاجر الإنجليزي السير (( إدوارد سان جون فيرمان )) حقوق إمتياز مد خطوط حديدية بين الرمل والإسكندرية , وتم تأسيس شركة برأس مال 12000 جنيه مصري
ليبدأ المشروع في وضع أول خط حديدي للترام في منطقة مسلة كليوباترا
(( محطة الرمل حاليا ً ))
وفي يوم 8 يناير 1863 تم فتح أول خط للترام في عصر الخديوي إسماعيل من الإسكندرية إلى محطة بولكلي عن طريق سيدي جابر , كان الترام عربة واحدة تجرها أربعة أجياد , إعتنى الخديوي إسماعيل بمطقة الرمل التي أقام فيها القصور الفاخرة , ومن المعروف أن الخديوي إسماعيل فرنسي الثقافة حيث درس في باريس و درس الهندسة والرياضيات والعمارة الفرنسية فضلاً عن إجادته للغة الفرنسية .
كان صاحبنا مع أزيز عجلات الترام يتنقل بين شعاب التاريخ المعماري الفرنسي في منطقة الرمل , في الوقت ذاته يتزامن هذا ازيز عجلات الترام , مع عجلات القطار في الجنوب الفرنسي الذي استقله صاحبنا من مدينة مارسليا إلى مدينة مونت كارلو التي تعلو الجبال الصخرية في إمارة موناكو حيث تطل على إمتداد الريفيرا الفرنسية الخلابة ……أجمل شواطئ العالم وبالطبع للأثرياء فقط .
قد يشترك ترام الرمل مع قطار مونت كارلو في اللون الأزرق , وأيضاً هما متوازيان تقريباً في خط السير , كلاهما يجري على ساحل المتوسط , قطار مونت كارلو يجري على بساط الريفيرا الفرنسية في شمال المتوسط في أوروبا , وترام الرمل يجري في موازياً شاطئ المتوسط في الإسكندرية
لم ينس صاحبنا حينما استقل القطار السريع الذي يطير فوق القطبان
(( قطار ذات السرعة الفائقة ))
من محطة (( باريس نورد )) متجهاً لمدينة كان الفرنسية حيث قضاء عطلة الصيف في الجنوب الفرنسي
في مدينة كان الفرنسية حيث يعقد مهرجان كان السنيمائي العالمي في تلك المدينة الساحرة .
كانت عجلات ترام الرمل تلتهم قطبان الحديد لعدد 38 محطة تبدأ من فيكتوريا وتمر بسان إستيقانو وقصر الصفا وسابا باشا وكليوباترا وكامب شيزار والجامعة وفي النهاية محطة الرمل , تلك المحطات كانت تبوح بقصص حب بين طلبة جامعة إسكندرية , تلك القصص ولدت على أرصفة محطات وعربات هذا الترام
ومازال صفير القطار في الجنوب الفرنسي الذي ينطلق من مدينة سان روفائيل ثم مدينة كان ثم أُنتيب ثم مطار نيس الذي يطل على البحر ثم مدينة نيس وينتهي هذا القطار رحلته في محطة مونت كارلو في إمارة موناكو.
كان صاحبنا يقرأ محاضرات دروس اللغة الفرنسية في ترام الرمل حالماً بين طرفي المتوسط في الإسكندرية وشواطئ الريفيرا الفرنسية .
عليه أن يتغلب على صعوبات اللغة الفرنسية ليحقق أحلامه ….!!
ماذا فعل ….؟
هذا ما سوف نعرفه في الحلقة المقبلة
إنتظرونا
دكتور / محمد حسن كامل
رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.