أحدث أخبار الفن والرياضة والثقافة والمرأة والمجتمع والمشاهير في كل المجالات

⁩سبب الفهم الخاطِئ للقرآن الكريم 1

⁩بقلم فضيلة الشيخ أحمد علي تركي
⁦⁩مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف
أساس مشكلة الفهم الخاطِئ هو التقصير في طلب العلم .
فالعلم أساس الفهم الصحيح ، وينتج عن التقصير في طلب العلم مشاكل كثيرة ، ومن أبرزها :
١) الغفلة عن أصول الدين.
٢) الغفلة عن أسباب النزول.
٢) ضعف المعرفة باللغة العربية وأساليبها.
٤) قصر النظر على بعض القرآن دون بعض.
٥) الغفلة عن أحوال العرب وعاداتهم وقت نزول القرآن.
٦) حمل كلام الله تعالى على اصطلاحات العلماء الحادثة.
⁩سبب الفهم الخاطِئ للقرآن الكريم 1
⁩سبب الفهم الخاطِئ للقرآن الكريم 1

➊ الغفلة عن أصول الدين:

وذلك قد يوقعنا في فهم مخالف لتلك الأصول الثابتة من حيث لا نعلم .
ومثاله قوله تعالى في قصة ولَدَي آدم:
{لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقتُلَني ما أَنا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيكَ لِأَقتُلَكَ إِنّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمينَ • إِنّي أُريدُ أَن تَبوءَ بِإِثمي وَإِثمِكَ فَتَكونَ مِن أَصحابِ النّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظّالِمينَ }
المائدة/ ٢٨-٢٩
● البعض يفهم خطأ من هذه الآيات أن القاتل يحمل إثم قاتله مع إثم نفسه، وقد توهم الكثير في ذلك ويقولون:
“ما ترك القاتل على المقتول من ذنب” .
وهذا معنى فاسد مخالف لأصل ثابت وهو :
(لا يحمل أحد إثم غيره) .
وهو أصل يجب مراعاته والاعتقاد به والبناء عليه وهو صريح قوله تعالى:
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} .
وقد ذكرت في أربع مواضع في القرآن :
(الأنعام ١٦٤ ، الإسراء ١٥ ، فاطر ١٨ ، الزمر ٧) .
وكذلك في قوله تعالى:
{أَلّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزرَ أُخرى}* النجم/ ٣٨.
● وقد حذر العلماء من ذلك الفهم الخاطِئ لهذه الآيات .
وها هو الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله يقول:
“والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن تأويله :
إني أريد أن تنصرف بخطيئتك في قتلك إياي وذلك هو معنى قوله:
{إِنّي أُريدُ أَن تَبوءَ بِإِثمي} .
وأما معنى: {وَإِثمِك} فهو إثمه بغير قتله وذلك معصيته الله جل ثناؤه في أعمالٍ سِوَاه”.

ثم قال رحمه الله :

“وإنما قلنا ذلك هو الصواب ، لإجماع أهل التأويل عليه ، لأن الله عز ذكره قد أخبرنا أن كل عامل فجزاءُ عمله له أو عليه، وإذا كان ذلك حكمه في خلقه فغير جائز أن يكون آثام المقتول مأخوذًا بها القاتل ، وإنما يؤخذ القاتل بإثمه بالقتل المحرم وسائر آثامِ معاصيه التي ارتكبها بنفسه، دون ما ركبَه قتيلُه .

● المختصر في التفسير:

“لئن مَدَدتَّ يدك إليّ تقصد قتلي فلست مجازيك بمثل صنيعك، ذلك ليس جبنًا مني، ولكني أخاف الله رب المخلوقات .
• فقال له مرهبًا :
إني أريد أن ترجع بإثم قتلي ظلمًا وعدوانًا إلى آثامك السابقة ، فتكون من أصحاب النار الذين يدخلونها يوم القيامة ، ذلك الجزاء جزاء المعتدين ، وأنا لا أريد أن أرجع بإثم قتلك فأكون منهم”.
معاني الكلمات :
– ﴿تَبُوءَ بِإِثْمِي﴾اى : تَرجِعَ بِإِثمِ قَتلِي.
– ﴿وَإِثْمِكَ﴾ أى : ذَنبِكَ الَّذِي عَلَيكَ قَبلَ ذَلِكَ.

➋ الغفلة عن أسباب النزول:

● لأسباب النزول أهمية كبيرة في معرفة معاني الآيات ، وإهمالها مُفض في أحوال كثيرة إلى معان فاسدة .
قال ابن عباس رضي الله عنهما :
« … إنَّا أُنزِل علينا القرآن فقَرأناه، وعلمنا فيمَ نزل ، وأنَّه سيكون بعدنا أقوام يقرؤون القرآن ولا يدرون فيمَ نزل ، فيكون لهم فيه رأي ، فإذا كان لهم فيه رأيٌ اختلفوا ، فإذا اختلفوا اقتتلوا».
المزيد من المشاركات

فضل ذكر الله: مفتاح التقرب إلى الله ورفع الدرجات في رمضان

والرأي المقصود هنا هو (الرأي الناشئ عن الجهل) .
وقال ابن تيميَّة رحمه الله :
« … ومعرفة سبب النزول يُعِين على فهم الآية؛ فإنَّ العلم بالسبب يُورِث العلم بالمسبب ».
وهذا مثال على خطورة الغفلة عن أسباب النزول؟
● قال الله تعالى :
{ لَيسَ عَلَى الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ جُناحٌ فيما طَعِموا إِذا مَا اتَّقَوا وَآمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَآمَنوا ثُمَّ اتَّقَوا وَأَحسَنوا وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحسِنينَ}
المائدة/ ٩٣

المختصر في التفسير:

« ليس على الذين آمنوا بالله ، وعملوا الأعمال الصالحة تقرُّبًا إليه ؛ إثم فيما تناولوه من الخمر قبل تحريمها ، إذا اجتنبوا المحرمات ، مُتَّقين سخط الله عليهم ، مؤمنين به ، قائمين بالأعمال الصالحة ، ثم ازدادوا مراقبة لله حتى أصبحوا يعبدونه كأنهم يرونه ، والله يحب الذين يعبدونه كأنهم يرونه ؛ لما هم فيه من استشعار رقابة الله الدائمة ، وذلك ما يقود المؤمن إلى إحسان عمله وإتقانه».
-قال ابن عباس رضي الله عنهما :
« إن هؤلاء الآيات أُنزِلن عذرا للماضين وحُجة على الباقين ، فعذر الماضين بأنهم لقوا الله قبل أن تحرَّم عليهم الخمر ، وحجة على الباقين لأن الله يقول:
{يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصابُ وَالأَزلامُ رِجسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطانِ فَاجتَنِبوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحونَ}
المائدة/ ٩٠».

وسبب نزول هذه الآية؟

● عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
«كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ في مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ ، وكانَ خَمْرُهُمْ يَومَئذٍ الفَضِيخَ ، فأمَرَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ مُنَادِيًا يُنَادِي :
أَلَا إنَّ الخَمْرَ قدْ حُرِّمَتْ .
قالَ: فَقالَ لي أَبُو طَلْحَةَ : اخْرُجْ، فأهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا ، فَجَرَتْ في سِكَكِ المَدِينَةِ، فَقالَ بَعْضُ القَوْمِ :
قدْ قُتِلَ قَوْمٌ وهي في بُطُونِهِمْ فأنْزَلَ اللَّهُ:
{ليسَ علَى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيما طَعِمُوا …} ».
المصدر: صحيح البخاري (رقم/ ٢٤٦٤).
خلاصة حُكم المُحدِّث: صحيح.
معاني بعض الكلمات :
الفَضِيخ : هي الخمر المُستَخرَجَة من البُسر ، والبُسرُ : هو تمر النخل قبل أن يَنضَج ويصير رطبا.
أهرِقهَا : أي اسكُب الآنية التي بها الخمر.
فَجَرَت في سِكَك المَدِينَة : أي فسالَت الخمر في طُرُق المدينة.
هي في بُطونِهم : أي لم يَمُرَّ وقتٌ طويل على شُربهم لها.
فائدة :
أبو طَلحَة : هو الصحابي زيد بن سهل الأنصاري، تزوج (أم سليم بنت ملحان) بعد وفاة زوجها (مالك بن النضر) لذلك فهو زوج أم أنس بن مالك .
هذا الحديثِ يدل على فَضل أبي طَلحَة والصحابة رضوان الله عليهم ، حيث استجابوا لأمر الله فَور سَمَاعِه ، وهكذا ينبغي أن يكون المسلم .
وما وجه الفهم الخاطِئ الذي يقع فيه البعض؟
● البعض يُفهَم خَطَأً من هذه الآيات أنه ما دام الإنسان مؤمن فلا يحاسب على شربه الخمر وهذا معنى فاسد لا يصح .
وقد تولى قُدَامَة بن مَظعُون إمارة البحرين في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ثم شكى الجَارُود بن المُعَلَّى إلى عمر أن قُدَامَة يشرب الخمر ، فاستدعى عمر قُدَامَة وأَشهَد عليه زوجته هند بنت الوليد وأبو هريرة ، فشهدا عليه بشربه للخمر.
فقال له عمر : يا قُدَامَة إني جالدُك .
فقال قُدَامَة : والله لو شربت كما يقولون ما كان لك أن تجلدني.
قال عمر : ولِمَ ؟
فقال قُدَامَة : لأن الله يقول:
{لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ … }.
فقال عمر : إنك أخطأت التأويل يا قُدَامَة ؛ إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرَّم الله .
فعزله عمر وأقام عليه الحد .
يتبع …
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.